وصف الكتاب
هل الدين ",ثورة", أم ",حركة إصلاح",؟ إنه سؤال عريض عميق، لا يكف عن الطرح، ولا تُشفي الإجابات عليه غليلا ولا عليلا، فهي تتجدد بمرور الوقت، مع استمرار الطلب على العقائد الدينية سواء لأداء وظيفتها الأصلية في الامتلاء الروحي والسمو الأخلاقي والصالح العام والتطبيب الاجتماعي، أو لتوظيفه في تحصيل السلطة السياسية، والثروة الاقتصادية، والمكانة الاجتماعية، والقوة المقاتلة أو المجاهدة، التي تبرر التوسع والهيمنة باسم الله.
هذا السؤال المهم، لا يمكن البحث عن إجابة عليه في جدل المتناطحين من أجل المصالح الضيقة والمنافع الذاتية، ولا في التفسيرات التقليدية والتأويلات السطحية، ولا حتى في النصوص ذاتها، لأن النص لا يبقى حبيس الأوراق والألسنة، إنما ينزل ويسري بين الناس في التناول والتداول والتفاعل والتشاكل، ولذا فلابد من أخذ كل عناصر الفهم والإدراك المتعلقة بهذه المسألة في الحسبان، وهي النص، والتجارب الذاتية، والمسارات التاريخية، والأفكار التي طرحها أتباع الأديان ومنتقديها، ومدى قدرتها على تلبية احتياج الناس لإطار أو مرجعية تحكم مسار حياتهم.
مثل ذلك الفهم العميق الواسع يتوفر في هذا الكتاب، الذي يحوي أطروحة الدكتوراه في الفلسفة السياسية للباحث الجاد المجتهد الطموح د. حمدي الشريف، وفيها بذل جهدا فائقا للمقارنة بين تجليات الدين والثورة في النص والفهم والتجربة الإسلامية والمسيحية، ليعرض الأمرين في تجرد وإحاطة كي يخرج بعطاء معرفي وافر، معروض بلغة رصينة يسيرة على الأذهان، بما يجعل هذا الكتاب مفيدا للمختص بهذه المسألة والقارئ العام على حد سواء.
أ. د. عمار علي حسن