وصف الكتاب
تحدثنا فى كتابنا الفكر الشرقي القديم بين القبول والرفض عن قصة الأبعاد الحقيقة للرياضيات عند اليونان, وقد بينا أن قدماء الشرقيين كانوا متقدمين تقدماً رائعاً فى العلوم الرياضية , وقد كان لهذا التقدم أثره فى نشأة علوم الرياضيات عند اليونان ؛فقد بينا كيف نهل فلاسفة اليونان من أمثال طاليس وفيثاغورس وأفلاطون وإقليدس من الرياضيات الشرقية فى تكوين منهجهم الرياضى.
ولما كان قدماء الشرقيين متقدمين فى العلوم الرياضية , فقد كان لهذا التقدم أثره فى نشأ ة علم الفلك ؛ حيث ساعدهم على عمل التقويمات الفلكية , والتى كان من جرائها , أنهم عرفوا طريقة رصد النجوم والكواكب واستخدام أدوات رصد مناسبة , مثل المزولة والساعات المائية وغيرها. كما عرفوا أيضاً التقويم الشمسى والتقويم القمرى ؛ حيث قسموا السنة إلى اثنىعشر شهرا والشهر إلى ثلاثين يوماً , فتكون السنة الشمسية 365 يوم , فى حين تكون السنة القمرية 354 يوم , كما رصدوا ظاهرتى الكسوف والخسوف . بالإضافة إلى معلومات فلكية كثيرة سوف نوضحها بالتفصيل خلال هذا الكتاب.
غير أن بعض الغربيين يرون أن الفلك الشرقى موجه لأغراض تتعلق بالسحر والتنجيم , وبالتالى فهم يأبون أن يطلقوا اسم العلم على تلك المعلومات الفلكية الرائعة التى توصل إليها قدماء الشرقيين , فمثلاً يقول ",بيرنت", عن الفلك البابلى أنه: ",قائم على أعراض تتعلق بالتنجيم مثل قراءة الطالع وما أشبهه ", (1) , فى حين يقول ",سانت هلير ",عن الفلك المصري بأنه", ", يعتمد علي مشاهدات مضبوطة , ولكنها ليس لها علم فلكى ",(2).
وفى الوقت الذى يقف فيه هؤلاء الغربيون هذا الموقف من الفلك الشرقى , نجدهم يعزون للفلك اليونانى كل خير؛ حيث يصفونه بأنه فلك علمى منظم أفاد البشرية افادة كبيرة, فنجد ",بيرنت ", يقول: ", :", أن أهم تطورات تنسب للفلك القديم هى من انتاج العبقرية اليونانية فقد توصلوا:
أ- إلى أن الأرض كروية وليست مستقرة على شىء.
ب- كما اكتشفوا النظرية الحقيقية عن الخسوف.
ج- كما توصلوا إلى أن الأرض ليست وسط الكون , بل اكتشفوا الخطوة الأخيرة , أى أنها تدورحول الشمس ,وإنما نذ كر ذلك لنبين عظم الفجوة بين علم اليونانيين ومثيله عند من سبقهم .(3)
وهذه النظرة تنطوى على قدر كبير من التحيز والبعد عن الموضوعية , ولذلك سوف نفندها خلال هذا الفصل.
وسبيلنا الآن هو عرض اسهامات قدماء الشرقيين فى علم الفلك .