إن الحديث عن موضوع فلسفة التاريخ يأتي في سياق يعرف في العالم العربي تحولات سياسية واجتماعية تمثلت في حراك إجتماعي شمل عددا من أقطار الدول العربية كما شهد صعود الإسلاميين إلى مواقع السلطة، لكن هذا الحراك الإجتماعي ظل مفتقدا للفاعلية والتأثير بدليل حالة التخبط وإنعدام الحوار وسيادة العنف بين مختلف مكوناته.

والسبب في نظري يعود في جزء كبير منه إلى كون هذا الحراك لم يوازه ولم يواكبه حراك على المستوى الفكري والثقافي، يعيد رسم خارطة التفكير الإسلامي ويعيد بدوره القوة والفاعلية للعقل الإسلامي، عوض الإرتهان لحالة الجمود والتقليد السائدة في أوساط مجتمعاتنا.

فالخلاصة التي نخرج بها إذن من هذا الحراك هي إن إنتفاء الواقع لا يعني بالضرورة إنتفاء منظومة التفكير التي تفرزه، وبالتالي فإننا نكاد نجزم بأن تغيير المعطيات الإجتماعية والسياسية أسهل بكثير من تغيير مناهج التفكير والتعقل، وبالتالي ضرورة العودة إلى السؤال الجوهري والأساسي الذي كان من المفروض البدء به أولا وهو : هل يمكن إحداث أي تغيير نوعي في مجتمعاتنا بنفس آليات التفكير التقليدية التي لا تفكر إلا ضمن التراث وخارج سياق الواقع المعاصر ؟