موضوع الزخرفة العربية الإسلامية من المواضع المهمة في عالم الفنون التي لم تنل حظها الوافر من البحث والتحقيق والدراسة، آخذين بعين الاعتبار أن الفن الإسلامي أخذ الكثير من أصوله عن الفنون الأخرى التي ازدهرت في البلاد التي فتحها العرب وكونوا منها إمبراطوريتهم العظيمة. واختلط العرب بأمم عريقة في المجد والمدنية فأثروا في هذه الأمم وأثرت فيهم.

ومن أهم الزخارف التي امتاز بها الفن الإسلامي زخارف الأطباق النجمية ولا سيما في عصر السلاجقة والمماليك، وهي زخارف متعددة الأضلاع يركب بعضها إلى جوار البعض الآخر، بحيث يتكون منها شبه طبق نجمي في الوسط. وأكثر ما استعملت مثل هذه الزخارف في الخشب والرخام والتحف المعدنية والمخطوطات خاصة الصفحات المذهبة في المصاحف ابتداءً من القرن الرابع عشر الميلادي. وأكثر الطرز الإسلامية استعمالاً للزخارف الهندسية هي التي ازدهرت في سوريا ومصر.

وتعتبر الزخرفة الإسلامية المعروفة باسم (الأرابيسك) من أهم هذه العناصر الزخرفية التي برزت عبر العصور المختلفة وتجددت وتنوعت، ولكنها بقيت خالدة في مشرق العالم الإسلامي ومغربه؛ بل وتعدّت هذا إلى النطاق الجغرافي والحضاري لتغزو الفنون والعمارة الأوروبية.

وتبدأ دراسة الزخرفة بمبادئها الأولية في دراسة الطبيعة التي ابتدعها الله، والأشياء التي خلقها فينا، ومن حولنا، فكلها مدعاة للدراسة والتأمل والمحاكاة والإبداع واستخلاص أروع الدروس في صنوف الجمال والإبداع.

وبالرغم من صدور عدة مؤلفات عربية في هذا المجال، فما زالت تفتقر إلى الأمانة العملية في النقل، وتحليل الزخارف والنقوش، ودراستها تأريخياً وأثرياً؛ لذلك جاء هذا الكتاب مكملاً لسلسلة دونها المؤلف في الخط العربي؛ فكان هذا الكشكول جامعاً لفنون الزخرفة العربية والإسلامية، حاوياً لنماذج فنون الزخرفة وأشكالها وجذورها عربية وإسلامية، وقد عرفت هذه النماذج تعريفاً مختصراً موجزاً...

ولا يدعي المؤلف أنه قد جمع في كتابه كل شيء عن الزخرفة، ولكن ما قدمه هنا قد يكفي بإعطاء صورة واضحة أو فكرة صادقة عن أصول الزخرفة وأنواعها وتطورها عبر مراحل التاريخ، وعن قيمتها وأثرها من خلال تسلسل تقديم نماذج الزخرفة.