وصف الكتاب
طاف صاحب هذا الكتاب حول حمى التراث؛ فتوقف عند مساقط التركيب البلاغي الشعري لدى الأوائل الذين تفطرت أقلامهم بها من غير تكلف أو معاطلة. وتطور ذلك إلى سنّ قواعد واساليب لهذا التركيب الأصيل، وتوقف عند انعصار الذات العاشقة المتبتلة لدى كبير شعراء الحب في الشعر العربي، ولدى نموذج آخر، من شعر الحب الإلهي التصوفي، كما توقف عند إرثٍ تربوي تعليمي مثقل بالقيم الإنسانية. فكانت له محطة أولى مع شعر الخيل الذي نضع بالكثير من المحسنات البلاغية المجبولة بطين البداوة الساطعة. وأردفها بتوقف نقدي عروضي أمام نظريات النقاد في الشعر وقواعده وأساليبه... ثم أتبعها بترحال داخلي مع كبير شهداء الحب العذري في الشعر العربي ",مجنون ليلى",، رام من خلالها استخراج قيم الصمود والعفة وانتصار المشاعر السامية على كل ما عداها من مكاسب وانتصارات دنيوية زائلة.. ومن هناك إلى التراث النفسي التربوي والتعليمي في آفاق الأدب والآثار الدينية والتربوية... كما وكانت له وقفات قصار أمام نماذج من النصوص الأدبية توخى من دراستها تكريم أصحابها بحسن دراستهم وتبيان الأغراض السامية لنتاجهم. كذل فعل في المحطة الخامسة التي يمكن اعتبارها استمرار للمحطة السابقة لأنها وقفت أمام نصين أدبيين آخرين واستحال كوامن الفن والجمال في طياتهما. وختم الترحال بوقفة مطولة غير اعتيادية أمام أثر شعري فريد، هو منظومة ",منطق الطير", للشاعر النيسابوري فريد الدين العطار، اتخذ فيها مساراً تصاعدياً لكنه نحو الأعماق. فرصد حركة السمو التعبيري، بكثير من الدقة والعناية متوخياً سبر غور التجربة الشعرية الصوفية الروحية، من جهة، ولذة الكشف عن مكامن الترقي التعبيري، من جهة ثانية. وهدف المؤلف من تقديم هذه الدراسة هو الإسهام ما أمكن، في إناء الحس النقدي، وجعل النقد الأدبي لا يقف عند عرض المحسنات البلاغية، وتمحيص مفردات اللغة وصيغ استخدامها، وصحة ما يطرحه الشاعر والكاتب، وإخضاع الأفكار والأساليب إلى منطق الباحث والدارس...
طواف متَّئد حول مشارف الجمال، وذروات الفن التي لا يقوى على تسلُّقها. إلاّ المكابرون في جهاد الكلمة وامتشاق النور. فكانت لصاحبه وقفات ومحطات أمام التراث الأدبي.
واحدة مع شعر الخيل، وتساقط التركيب البلاغي الشعري لدى الأوائل...
وثانية مع كبير شهداء الحب العذري في الشعر العربي مجنون ليلى...
وثالثة مع التراث النفسي التربوي والتعليمي...
ورابعة أمام نماذج النصوص الأدبية، تبْياناً لقيمها وأغراضها السامية..
وكانت المحطة الأخيرة، عند تجربة صوفية فريدة، عاشها الشاعر النيسابوري فريد الدين العطار، جرى فيها الكشفُ عن مكامن الترقِّي التعبيري، بكثير من الذوق والتحليل والتأمل...
غَرضُ الكاتب من ذلك كله إغناءُ الحسِّ النقدي، وجعل النقد الأدبي لا يقف عند عرض المحسِّنات البلاغية والتمحيص اللغوي والمحاسبة المنطقية، فقط، بل يتخطاها إلى رشحات الإبداع، والخَلْق الفني تنبضُ راعشةً، قلقةً، تحت رماد الكلمات..