وصف الكتاب
تعرف المجتمع العربي على التوحد وطيف التوحد في ظل الثورة العلمية والمعلوماتية، ومع قلة المتخصصين في مجال صحة الطفل النفسية والاعتماد على ما يكتب في الصحف والمجلات أصبح التوحد شماعة لكل سلوك طبيعي أو غير طبيعي للطفل، ومن مصائب عالمنا الثالث أن التشخيص يصدر من فئات غير متخصصة، لينتهي المطاف بعائلة الطفل إلى الجري في حلقة مفرغة، تنتهي إلى اليأس مع الإجهاد الفكري والنفسي.
فالتوحد أو طيف التوحد من المشكلات النمائية الأكثر تعقيدا والتي قد تواجه الأسرة والمعلم والمشرع والقانوني والسياسي والمشكلة ترتبط بتعلم الطفل التوحدي وحقوقه الفردية والمدنية .وذلك لعدة اسباب منها على سبيل المثال لا الحصر: ان الاسباب غير معروفة بوجه قطعي والخصائص متباينة بشكل كبير وطرق العلاج مختلفة باختلاف الفكر النظري الذي يتبناه المعالج .
و في عام 1943 م كتب الطبيب النفسي ليوكانر Leo Kanner مقالة تصف أحدى عشر مريضاً تابع حالتهم على مدى سنوات في عيادته، هؤلاء الأطفال كانوا يتصفون بمجموعة من الأعراض المرضية تختلف عن الأعراض النفسية التي تعود على متابعتها أو قرأ عنها في المنشورات والكتب الطبية، وقد أستعمل مصطلح التوحد Autism لأول مرة للتعبير عنها، وتتابعت البحوث والدراسات في محاولة لإجلاء الغموض عنه.
وأكتشف العالم النمساوي Hans Asperger في فينا بالنمسا عام 1943 م حالات تختلف في سماتها وإعراضها عن حالات كانر المسماة بالتوحد، وقام بنشر بحثه باللغة الألمانية، وتداولته بعض الدوائر العلمية المحيطة في أوروبا، ولم يتم التعرف عليه في أمريكا بسبب الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1981 التقي أسبرجر بإحدى أطباء الأطفال الإنجليزية Lo r na Wing والتي تعاني أبنتها من أعراض التوحد في أحدى اللقاءات العلمية في فيينا، وقامت بتلخيص بحثة ضمن سلسلة من دراسة الحالات كانت تقوم بإصدار تقارير دورية عنها باللغة الإنجليزية، وفي عام 1991 أصدر العالم البريطاني Frith كتابة عن التوحد والاسبرجر الذي نشر فيه نتائج بحوث أسبرجر باللغة الإنجليزية، والتي كانت سابقاً تسمى التوحد ذو الأداء الوظيفي العالي High functioning autism أو أعاقة التوحد الخفيف Mild autism، ومن ثم عرفت تلك الحالة وسميت باسم مكتشفها ", متلازمة أسبر جر Asperger`s Syndrome، بعد دراسة آلاف الحالات في اوروبا وأمريكا، مما برر إعتبارة أعاقة مستقلة بالإضافة إلى التوحد تحت مظلة أضطرابات النمو الشائعة.
وهناك حالات أخرى سميت ", متلازمة ريت Rett`s syndrome", باسم مكتشفها الطبيب النمساوي a ndreas Rett، الذي أكتشف وجود حالات تختلف في أعراضها وسماتها عن التوحد، وقام بمتابعة تلك الحالات لعدة سنوات.
من هنا يجب التعرف على السلوكيات غير السوية للطفل الطبيعي قبل تشخيص الحالات كأمراض سلوكية ، كما أن اضطرابات النمو لدى الأطفال مجال واسع, التوحد احدها، وللقيام بتشخيص حالات التوحد فإن ذلك يحتاج إلى متخصصين في هذا المجال، وتطبيق المعايير العلمية لها كما ذكر في الدليل الإحصائي للاضطرابات النفسية في أصدارة الرابع DSM-4 عام 1994، وفي الدليل الدولي لتصنيف الإمراض الذي تصدره هيئة الصحة العالمية International Classification of Diseases في أصدارة العاشر ISD-10، كما يجب على العائلة التي لديها طفل مصاب بأحد الأمراض السلوكية بمعرفة حالته، لأن ذلك سوف يساعد في تحديد إمكانيات وبرامج ووسائل التدخل العلاجي والتأهيلي في جميع المستويات الطبي والتربوي والاجتماعي والنفسي.
حيث ظهرت العديد من طرق علاج التوحد منها ما هو مبني على العلاج الطبي باختلاف جوانبه ( عقاقير وادوية أو تغذية أو العلاج النفسي مثل الحضن والموسيقى واللعب ..او العلاج السلوكي مثل برنامج TEACCH وLOVAAS وغيرها
ومن هنا يتناول هذا الكتاب مدخل إلى اضطرابات النمو الشامل موضحا المقصود بها وأسبابها والعوامل المؤثرة فيها وكيفية تشخيصها , ثم تناول اضطراب الذاتوية وانتشاره والمقصود به وأسبابه والتدخل المبكر لعلاجه , كما تناول بعض مظاهر النمو لدى الأطفال الذاتويين , كما تناول متلازمة اسبرجر من حيث الانتشار والمقصود بها وأسبابها وتشخيصها والتدخل العلاجي لها، والاضطراب النمائي الشامل غير المحدد , واضطراب الانتكاس الطفولي موضحا أعراضه وأسبابه والتدخل المبكر للتشخيص والعلاج كما يوضح التدخل التربوي والتعليمي لتأهيل الأطفال ذوي أعاقات النمو الشامل.