وصف الكتاب
يتفق الكتّاب والمؤرخون والسياسيون وأصحاب الفكر المهتمين بالدراسات الشرق أوسطية أو بما اصطلح عليه بالشرق الأوسط أن هذا المصطلح وهذه المسميات قد وردت من خارج المنطقة وارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالمصالح الاستعمارية الغربيةن فحينما كان تعبير ",الشرق الأقصى", أكثر وضوحاً في دلالته وارتباطه بمنطقة واسعة وهائلة مطلّة على المحيط الهادي وتضم كيانات كبرى مثل الصين واليابان وغيرها من البلدان المجاورة، فإن تعبير ",الشرق الأدنى", قد ظهر في فترة الاكتشافات الأوروبية الكبرى منذ القرن الخامس عشر ليشير إلى البلاد الواقعة في شرق البحر المتوسط بين الشرق الأقصى وأوروبا. وقد ظل مصطلح ",الشرق الأقصى", يتخذ من الصين محوراً له، أما مفهوم ",الشرق الأوسط", فيركز على الدور الوظيفي الكفيل بحماية وترسيخ الوجود الاستعماري البريطاني في الهند والحيلولة دون المساس به أو التعرض لأي أخطار محتملة من ناحية، ومن ناحية أخرى في مواجهة التحرك الروسي في إيران ومخطط إنشاء خطط السكك الحديدة لربط برلين ببغداد العثمانية. إلا أنه ومهما يكن من أمر فإن هذه المعطيات ليست في حقيقة الأمر هي التأصيل الذي يمكن التوقف عنده، إذ أن البعض يرجع هذا المفهوم إلى ",تيودور هرتزل", مؤسس الحركة الصهيونية وهو ما تروج له بعض الإصدارات الصهيونية بعد مؤتمر مدريد زاعمة بأن مشروع النظام الشرق أوسطي الجديد ما هو إلا خلاصة لمفهوم وأحلام ",هرتزل", التي توحي بتحويل منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة يخيم عليها السلام والتعايش السلمي ويتم فيها تحرير الثروات العربية مع تمركز القوة الفعلية للصهيونية لخلق جنة من الرفاهية والرخاء على الأرض. من هنا ومما سبق تبرز وبإلحاح فكرة خطورة مفهوم الشرق أوسطية على الأمن القومي العربي. هذا المفهوم الذي يحمل من الخلفيات والتداعيات ما استدعى تناوله بالتحليل والتنظير المعمقين من قبل الدكتور محمد علي الحوت.
في دراسته هذه تناول الباحث مفهوم الشرق أوسطية وارتباطها منذ البداية بالقضية الفلسطينية، التي حددت الاتجاهات الرئيسية للدول الاستعمارية منذ الحملة الفرنسية على مصر عام 1798م وحتى عقد التسعينات من القرن العشرين الذي أدخل العالم العربي وقضيته المركزية (فلسطين) في منعطف تاريخي شديد التعقيد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وحرب الخليج الثانية، وتولي الولايات المتحدة الأميركية إعادة تشكيل العالم وصياغته بالأسلوب الذي يتناسب مع خدمة مصالحها في إطار النظام العالمي الجديد الذي تتربع بمفردها على عرش قيادته. ثم عرض ذلك من خلال سبعة فصول وفصل تمهيدي. عالج الفصل التمهيدي ",الأصول التاريخية للشرق أوسطية",. وركزت الفصول: الأول والثاني والثالث على دراسة الأهداف الاستراتيجية للمشاريع الغربية والصهيونية الرامية إلى مدّ نفوذها وإحكام سيطرتها على العالم العربي، واستنزاف قواه البشرية والمادية، وركزت الفصول من الرابع إلى السادس على ردود الفعل التركية والإيرانية والعربية إزاء الشرق أوسطية، وفي ضوء نتائج حرب الخليج الثانية وانهيار المنظومة الاشتراكية وتفاعلات مؤتمر مدريد واتفاق أوسلو ووادي عربة... إلخ. بينما اهتم الفصل السابع بدراسة مدى تأثير الشرق أوسطية وتحدياتها للأمن القومي العربي لا سيما وأنها نظام إقليمي جديد فرض على المنطقة من خارجها. أقرأ أقل