يتناول هذا الكتاب مجموعة من الدراسات التي يمكن وصفها بلغة البحث العلمي بأنها أصلية وغير مسبوقة. كما يتضمن مجموعة من المقالات (المستندة إلى دراسات تتناول بالبحث والتعليق النخبة الحاكمة في النصف الثاني من القرن العشرين. ومما تجدر إشارته أن هذا الكتاب لم يكتب على منوال الدراسات الأكاديمية التي تتناول دراسة النخب الحاكمة، لكنه مع هذا كتب بأسلوب أكاديمي، ومنهج علمي، وروح أكاديمية وسيرى القارئ ملامح الأكاديمية فيه فقد امتزجت بالتناول العلمي أو الأذى المباشر بعيداً عن المصطلحات، والجمل الطويلة، والإحالات، والتحفظات، والاستشهادات، والتشبيهات أو الهوامش المطولة والانطباعات الأيديولوجية.

ثارت في الفترة الأخيرة مع دخول السنة الأولى من الألفية الثالثة تساؤلات أكثر جدية من سابقتها، هذه التساؤلات تدور حول الفرص والمخاطر التي تفرزها العولمة وعن أساليب التعامل مع هذه الإفرازات ومرتكزاتها وأصبح من غير الممكن فهم عقد التسعينات من القرن الماضي وما حدث فيه من تطورات متلاحقة دون الرجوع إلى ظاهرة العولمة التي أصبحت الآن الإطار المرجعي لكل الدراسات الاجتماعية والإنسانية.

ورغم ارتباط مفهوم العولمة بالتحولات الخارقة للعادة التي تعيشها المجتمعات المعاصرة، بما يشبه الثورات الكبرى التي قادت العالم الحديث نحو المجتمع الصناعي، على أنها ثورات وتحولات تحدث على مستوى العالم في أوقات متقاربة، وتعمم من خلالها مفاهيم وتوجهات وأذواق، إلا أن مصطلح العولمة لم يكن له أي وجود قبل منتصف الثمانينات من القرن العشرين، وقد اصبح اليوم من أكثر المفاهيم والمصطلحات تداولاً على مستوى العالم.

إن الحديث عن العولمة قد تزامن مع بروز مجموعة من الظواهر السياسية والحياتية والمستجدات الفكرية والتطورات التكنولوجية التي تدفع في اتجاه ترابط العالم وتشابكه وتقاربه وزيادة انكماشه.

وقد ارتبط مصطلح العولمة أشد الارتباط بالثورة العلمية والمعلوماتية الجديدة والتي تكتسح العالم منذ بداية التسعينات أصبحت القوى الأساسية المسئولة عن بروز العولمة وإن لم تكن الوحيدة. فالثورة العلمية والتكنولوجية هي التي جعلت العالم أكثر اندماجاً وهي التي سهلت وعجلت حركة الأفراد ورؤوس الأموال والسلع والمعلومات والخدمات، وهي التي جعلت المسافات تتقلص والزمان والمكان في حالة انكماش.