وصف الكتاب
البرمجة اللغوية العصبية هي عبارة عن منهج عملي في علم النفس التطبيقي يهدف إلى نمذجة المهارات (الكفاءات) والسلوكيات (التحفيز، القيم، التصرف...) التي يمتلكها أشخاص ذوو موهبة وبراعة في مجال ما يلكي توضع في متناول من يحتاجها.
تتضمن البرمجة اللغوية العصبية ثلاثة أجزاء وهي: عملية نمذجة المهارات، والتي تعتبر الأساس، ترافقها بعد ذلك مجموعة من الأمثلة والنماذج التي تم وضعها (طرق التغيير المتبعة لتحسين أداء الفرد)، يضاف إليها ",كيفية إدراك الفرد للعالم", بطريقة ممنهجة بإتباع مجموع من المبادئ والفرضيات.
وإلى ذلك فإن البرمجة اللغوية العصبية هي دراسة لتصرفات وإستجابات الناس، يعمل المختصون على دراسة مختلف الجوانب التي يدركها الفرد بطريقته الخاصة، ويعتمدها في نهجه المعرفي، أي دراسة الأسلوب الذي يتبعه الشخص للتعبير عن أفكاره ومعتقداته ومشاكله... وما هو صحيح بالنسبة له، عندما يواجه شخص ما، ما يسميه أو يعتبره مشكلة، أو صعوبة، يعمل المختصون على إيجاد التقنيات أو الطرق المناسبة التي تساعده على أن يرى ويدرك الأشياء بشكل مختلف يفتح أمامه مجموعة من الخيارات: كالحرية، والإعتماد على النفس، وإحترام الآخرين، وتقدير الذات، وتعامل أفضل مع محيطه، وبعكس ما يوحي اسمها؛ فإن البرمجة اللغوية العصبية ليس فرعاً من الذكاء الإصطناعي أو من علوم الأعصاب، وليس لها، في الواقع أي علاقة بإضطرابات اللغة.
ولكن ومنذ حوالي أربعين سنة تقريباً تهتم البرمجة اللغوية العصبية بالعمل الذاتي للأشخاص، كما يوضح المؤلف في هذه المقاربة قائلاً: ",لا يتعلق الموضوع بوصف العملية الإدراكية الفعلية للأفراد، وإنما الأحرى، بتحويل التجربة الفردية للأشخاص إلى نماذج.
هذا وقد كان محور إهتمام البرمجة اللغوية العصبية بشكل خاص بالمتخصصين والخبراء؛ عاملة على نمذجة أدائهم ومهاراتهم الفكرية في مجالات إختصاصاتهم.
بناءً على هذا الوصف، بين المبرمجون اللغوين العصبيون نماذج دُرِّسَتْ فيما بعض لأشخاص آخرين لتطوير مهاراتهم في هذه المجالات، على هذا الأساس بنيت الأساس التربوية في مجال البرمجة اللغوية العصبية، يصف المؤلف بطريقة واضحة ومنظمة المبادئ والأسامية للبرمجة اللغوية العصبية، ولا سيّما التربية التي انبثقت عنها، كما في المجالات الأخرى، وقد تم إعتماد نماذج تعليمية من خلال نمذجة إستراتيجيات التعلم لألمع التلامذة.
وعلى سبيل المثال، وُضِعَتْ نماذج للفهم والحفظ والتفكير الشخصي والتعبير عما تعرفه والإبداع، ثم تم تدريس هذه النماذج للأولاد لتعليمهم كيفية التعلم، لكن من الممكن أيضاً إستخدام هذه النماذج لإعادة تأهيل الأطفال ذوي الصعوبات التعليميّة، وعن مدى فاعلية هذه البرمجة، فإن مختلف التجارب التي أجراها المبرمجون اللغويون العصبيون تشير إلى مدى فاعلية هذا المنهج وإلى أنه يسمح فعليّاً للأولاد بأن يطوّروا مهاراتهم التعليمية.
بالإضافة إلى نمذجة الأدوات الفكرية للتعلم؛ فإن التربية في مجال البرمجة اللغوية العصبية تتميز بتصور خاص عن العلاقة بالمتعلم، وتدعو المعلم للدخول إلى مفهوم الطفل، وإلى فهم واقعه، وفهم طريقته في رؤية الأشياء، كما تدعوه إلى كشف النيّة الإيجابية وراء سلوك الطفل وتقييمه بهدف مساعدته على التقدم وليس بهدف العقاب.
ويبدو أن هذا النهج في التقييم بغاية الغنى والفاعلية، فالأساليب والممارسات التربوية والتعليمية على أرض الواقع، هي بعيدة جدّاً عن المدرسة النخبوية التي تصنف الأطفال على أساس مجموع النقاط التي حصلوا عليها؛ هنا يكمن هدف البرمجة اللغوية العصبية، وهو وضع كل الإمكانيات لكي يستخدم الطفل إمكاناته كاملة، والمهم في ذلك أن التقييم هو قبل كل شيء تغذية راجعة تُعْطَى للطفل من أجل تعزيز تقديره للذات ولمنحه الرغبة في الإستمرار بالتفوق على نفسه.
وأخيراً، ينهي المؤلف كتابه بالتذكير بخصوصية ومكانة البرمجة اللغوية العصبية بالنسبة إلى المناهج الأخرى (مثل العلوم المعرفية، وما وراء المعرفة، أو إدراك الإدراك)، كما بالنسبة إلى المناهج التربوية الرئيسية الأخرى.
وأخيراً، فإن مجموع البحوث والمناهج المعروضة في هذا الكتاب لا يهدف إلى إثبات صحة البرمجة اللغوية، فهذه الأخيرة طوّرت طرائقها الخاصة لنمذجة الكفاءات الفكرية، فهي إذاً ليست تبسيطاً أو تعميماً للنظريات الأكاديمية الموجودة سابقاً؛ إنما هي نهج مبتكر وعليه أن يثبت ذاته، وللتذكير، ليست البرمجة اللغوية العصبية علماً بل هي منهج عملي في علم النفس التطبيقي.