وصف الكتاب
لما كان قدماء الشرقيين متقدمين في العلوم الرياضية , فقد كان لهذا التقدم أثره في نشأ ة علم الفلك ؛ حيث ساعدهم على عمل التقويمات الفلكية , والتي كان من جرائها , أنهم عرفوا طريقة رصد النجوم والكواكب واستخدام أدوات رصد مناسبة , مثل المزولة والساعات المائية وغيرها. كما عرفوا أيضاً التقويم الشمسي والتقويم القمري ؛ حيث قسموا السنة إلى اثنى عشر شهرا والشهر إلى ثلاثين يوماً , فتكون السنة الشمسية 365 يوم , في حين تكون السنة القمرية 354 يوم , كما رصدوا ظاهرتي الكسوف والخسوف . بالإضافة إلى معلومات فلكية كثيرة سوف نوضحها بالتفصيل خلال هذا الفصل.
غير أن بعض الغربيين يرون أن الفلك الشرقي موجه لأغراض تتعلق بالسحر والتنجيم , وبالتالي فهم يأبون أن يطلقوا اسم العلم على تلك المعلومات الفلكية الرائعة التى توصل إليها قدماء الشرقيين , فمثلاً يقول ",بيرنت", عن الفلك البابلى أنه: ",قائم على أعراض تتعلق بالتنجيم مثل قراءة الطالع وما أشبهه ", (1) , في حين يقول ",سانت هلير ",عن الفلك المصري بأنه", ", يعتمد علي مشاهدات مضبوطة , ولكنها ليس لها علم فلكى ",(2).
وفى الوقت الذى يقف فيه هؤلاء الغربيون هذا الموقف من الفلك الشرقى , نجدهم يعزون للفلك اليونانى كل خير؛ حيث يصفونه بأنه فلك علمى منظم أفاد البشرية افادة كبيرة, فنجد ",بيرنت ", يقول: ", :", أن أهم تطورات تنسب للفلك القديم هى من انتاج العبقرية اليونانية فقد توصلوا:
أ- إلى أن الأرض كروية وليست مستقرة على شىء.
ب- كما اكتشفوا النظرية الحقيقية عن الخسوف.
ج- كما توصلوا إلى أن الأرض ليست وسط الكون , بل اكتشفوا الخطوة الأخيرة , أى أنها تدورحول الشمس ,وإنما نذ كر ذلك لنبين عظم الفجوة بين علم اليونانيين ومثيله عند من سبقهم .(3)
وهذه النظرة تنطوى على قدر كبير من التحيز والبعد عن الموضوعية , ولذلك سوف نفندها خلال هذا الفصل.
وسبيلنا الآن هو عرض اسهامات قدماء الشرقيين فى علم الفلك.