وصف الكتاب
نهاية مربكة .
حكايات ( سعيد العبد ) المتواترة ، يتناقلها الرعيان الصغار ، وتشعرني برعب شديد ، وتخالجني الوساوس المخيفة ، وتجعلني أندسّ داخل غار لأتقي شره وسط الجبل ، أتجنبه لئلا يلمحني ، فيقطع ظهر بسوط معلق في وسطه ، أو مسحاة يحرث بها الأرض بيدٍ واحدةٍ ، رأيته يسوق غنمي من مزرعة عمه الفقيه ، يضربها بعضاه مسحاة في يده اليسرى بعنف ، وتتحرك اليد الأخرى المقطوعة داخل ثوب مفرج ، قيل أنها بُترت من الكف بعدما سرق سيارة ، وخطف ولداً في مكة ... كان إبن عمي الكبير ، قد حضر من القاعدة العسكرية في الطائف ، وجاء من المدينة قبل يومين ، يحمل معه زوالي ومراكي جديدة حمراء ، وأول من أدخل مثل هذه المفارش إلى القرية ، وأحضر معه بندقية ( نيمس ) علامة للهيبة والرجولة ، وجلب ( أتريك ) ليضيء الفرح الكبير في زواجه ، لولا أن عم العروس حلف بالطلاق ، أنه لن يتحلل بالعروس ما دام حياً ، فشاع بين الناس خبر الرفض ، ونشأ عناد حاد وفض بين العائلتين ، حمل ولد عمي بندقيته في ذلك اليوم ، وأمرني أن أسوق الغنم ، أوجهها نحو المراعي في الجبل ، وقد وردت ماء الغدير ، لتشرب من أسفل الوادي ، وليلحق بي بعدما يقضي أمراً ما ، خشيت أن يكون قد بيّت النيّة لجريمة ، وغلبني ضعف تفكيري حينذاك ، وترددت أن أذيع الخبر لأحد ، غلبني قطيع الغنم بجنونه ، وغدا لكثرته يتسابق بلهفة ، تحصد غدوق خريف مزارعهم الخضراء ، وغلبني بعدها رعب سعيد العبد وجبروته .. كانت نهاية مربكة لم تعجبني ، حينما باغتني الحلم في المنام ، فواصلت النوم غير مبالي بما يحدث ، لأدع للحلم نهاية مفتوحة ، وصحوت على لعلعة صوت الرصاص ، رأيت إبن عمي يصوب بندقيته ، فتمر رصاصة مارقة ، تجتاز ما بين فخذي سعيد العبد [ ... ] ", تفاصيل ", ... وعن بيتنا والجدار الأخير .. يحدثني شيخنا وفي العين نز رحيق التعب من سهر ... وفاضت ترانيم من وجع ملّ في قائمة انتظار .. وبارقة من الأماني الطويلة تلوح ، ويطوي المدار . رأيت الأماني الطويلة يضعف في وجه شيخي ، وفي وجنتيه تضيع الخطوط ، فيا رب هبني من الصبر حتى أرى ما تفيء به غيمة حركتها الرياح .. وحتى يفيء المدى وينضج في رأس شيخي حديث توسده وانتشى به هاجساً في صباح ... وحين أفاق انتببه ... ولح0 لهفة تستشف تفاصيل قادمة للنهار .. فشد اللحاف ومن شدة البرد يخفي مفاصله الواهنة والوعد ... ومن ذا الجبين تفصّد عرق ... ومن ذي العيون تحدّر دمع ... وعاجلني قبل أن ينطفئ في مشاعة وجد لينبئ بصوت خفيض ، وحدث أن الغيوم وسوء اللقاح قد أرخت ، وجاء زمان الحصاد [ ... ] .
", بائعة صغيرة ", .
بائعة القمصان الصغيرة ، تدفع عربتها ، وتدحرجها بين زوار متنزه مزدحم ، فتمشي متئدة تنقلة بين المسطحات الخضراء ، وكأنها تدفع قبلها كوماً من أسرار وجع الحياة ، وقفت تعرض قمصانها ، وسألت : إذا كان أحد يريد أن يشتري شيئاً منها ؟ وحينما لم يجبها أحد ، نبتت كوردة خضراء ، ومضت خلف عربتها [ ... ] .
هي تفاصيل صغيرة لملمها الكاتب من فضاء الحياة الشاسع .. هي قصص قصيرة وقصائد شعر ، ونصوص قصيرة جداً القاسم المشترك بينها الإنسان الغارق في حياته وتقلباتها ... فرح وترح .. لقاء وفراق ... ألم وأمل .. وجود وزوال ... وفضاء شاسع ترفرف في أجوائه فراشات تفاصيل حياته .. حتى الصغيرة ...