وصف الكتاب
يقف إنسان اليوم أمام ثورة جينية تضعه أمام مخاوف شتى فقد نجح علماء الوراثة في توظيف ذلك العلم (علم الجينات) في معالجة الكثير من الأمراض كما أنهم تمكنوا من خلاله في التوصل إلى التعديل في الحيوانات والنباتات لتزيد من إنتاجها أو إنتاج ما ينتج عنها مثل الحليب والبيض، بالإضافة إلى تمكنهم من التغيير في تركيبها وذلك بهدف الحصول على أنواع جديدة تقاوم الآفات أو تعطي نوعيات جديدة من الأغذية المفيدة للإنسان.
أما العلاج الجيني للأورام السلطانية فقد أصبح حقيقة ملموسة بعد الأبحاث والاختبارات الوراثية التي تجري في الولايات المتحدة حيث توصل العلماء، بواسطة العلاج الجيني، ونتيجة لأساليب الهندسة الوراثية من تحقيق خطوات عملاقة على هذا الطريق، يأمل الإنسان لمس أثرها في القريب العاجل.
وأما المخاوف التي تنتاب الإنسان حيال تلك الثورة الجينية فهي تتمثل في تأثيرها عليه من خلال تأثيرها على تطوره وعلى تطور الكائنات التي تحيط به، وهذا يعني بعبارة أخرى التلاعب بالوراثة الذي لا يمكن ضبطه إلا بالعامل الأخلاقي الذي يبدو أنه، وأمام الزحف المادي، آخذ بالتلاشي والمثل ليس ببعيد حيث يشهد على ذلك ظاهرة البقر المجنون التي نجمت عن محاولة تغيير طبيعة الأبقار لتصبح آكلة لحوم.
وفي هذا الإطار يأتي كتاب ",اختبار علم الوراثة", الذي نقلب صفحاته والذي يعتبر مدخلاً صالحاً للتعرف إلى أسرار التركيب الخلوي البشري، لأن المؤلف يذهب فيه بعيداً داخل الخلية ليكشف مكوناتها من صبغيات وحوامض وبروتينات وأنزيمات تلعب أدواراً مهمة في التوازن البيولوجي وتفتح الطريق أمام تركيبها الاصطناعي لتدخل في تركيب العلاجات والأدوية.
بالإضافة إلى ذلك سيتناول المؤلف الجانب الغامض وغير المؤكد من اختبارات التلاعب بالهندسة الوراثية ذاكراً المشاكل المطروحة والحلول المتوقعة وعلامات الاستفهام التي تبقى. إن الاختبارات الوراثية التي ولدت في المشاكل والشك، لا تزال تقلق، وقد أوصلها تقدمها الرائع إلى أبواب الجنس البشري. فهل يكتفي الباحثون والأطباء بمعالجة الإنسان بواسطة الجينات ومعالجة الجينات نفسها؟ أم ينساقون لإغراء تغيير البرنامج البشري لخلق نموذج آخر؟
هل نحن أمام ثورة جينية؟ أو بالأحرى انقلاب شامل في علم الوراثة يلقي بآثاره على جميع مجالات الحياة البشرية، الصحية والاقتصادية والاجتماعية وربما السياسية؟ الجواب على هذه الأسئلة هو نعم، لأن هذا الكتاب يخوض في تفاصيل هذه الثورة العلمية الهائلة التي غيَّرت وتغيّر وستغير مفاهيم الحياة البشرية على كافة الصعد. منذ فترة قصيرة أعلن عن اكتشاف خريطة الهيكلية الوراثية البشرية بمعظم تفاصيلها، وهذا يعني أنه أصبح بالإمكان اجتراح العجائب في المجال الطبي العلاجي بحيث تستبدل الجينات المريضة بجينات سليمة، فنقضي بذلك على معظم الأمراض الوراثية التي تفوق بعددها الـ5000. كما أصبح بالإمكان أيضاً استئصال الأمراض المستعصية، خاصة تلك التي لها علاقة بالتعديل الوراثي أو بتبدل الجينات مثل السرطان والسيدا والسكري.
ولكن بالرغم من هذه الآثار التطورية للثورة الجينية، فإن لها بلا شك آثاراً تدميرية تدخل الخلل في النظام البيئي وتؤدي، إذا لم يجرِ تقنينها وربطها بالأخلاق والقيم، إلى كوارث حقيقية تطال النبات والحيوان وحتى الإنسان، كما شهدنا مؤخراً ظاهرة البقر المجنون التي نجمت عن محاولة تغيير طبيعة الأبقار لتصبح آكلة لحوم...