وصف الكتاب
يتناول هذا الكتاب موضوع العقل في علاقته مع الوجود الآخر، المحجوب عن أنظار الإنسان، والذي يطلق عليه القرآن الكريم اسم: الغيب.
والغرض من هنا الكتاب عقد نوع محاكمة للعقل الإنساني، نعرف فيها طبيعة العقل، ولأي شيء يصلح، ومتى يجوز له التقدم وأين يلزمه التوقف... وما هي علاقة العقل بالمعرفة الدينية، وأيهما يحكم على الآخر، أم لكل واحد منهما مجال لا يتعداه ونطاق لا يخرج عنه... وما عالم الغيب وما حقيقته، وكيف علاقته بعالمنا المادي المباشر... وهل للعقل البشري قدرة على اختراقه وفهمه، أم ذلك موكول للدين وأهله... وغيرها من الأسئلة.
ولهذا قسم هذا الكتاب إلى بابين: عرض الباب الأول لقضية ",الحدود المعرفية للعقل الإنساني",، كما رآها بعض أعلام الفلسفة الأوربية، منذ عهد اليونان إلى عصر كانط خاصة، ثم تناول القضية ذاتها عند بهض مفكري الإسلام الكبار... وكل هذا على وجه الاختصار الذي قد يعده بعض القراء مخلاً بالمقصود.
أما الباب الثاني فقه حديث متشعب الجوانب عن عالم الغيب، وصلة العقل به. وقد درس هذا الباب مفهوم الغيب وسعته، وقيمة الإيمان به، وأثر هذا الإيمان في الحياة... وبحث بعض مظاهر قصور العقل في تهجمه على الغيبيات، وأسباب ذلك. ثم ختم ببعض النماذج من عالم الغيب الواسع، والتي تعد إلى اليوم من ألغاز الكون التي لا حل لها، والتي تبين بوضوح حدود العقل وضعفه.
موضوع الكتاب هو العقل في علاقته بالمجهول والمستور من الوجود.. عموماً، وبعالم الغيب خصوصاً. وهو يحاول أن يجيب عن السؤال: هل للعقل حدود، أم أنه قوة إدراك مطلقة؟ وإن كانت له حدود، فما هي وما حقيقتها؟ فهذه الدراسة تندرج ضمن فلسفة العقل التي تسعى إلى تفهم طبيعة هذه الآلة البشرية الكبيرة، ومعرفة آليات اشتغالها، وحدود هذا الآشتغال. كل هذا ضمن الحديث عن مفهوم قرآني كبير، هو الغيب... هذا العالم الحاضر الغائب في آن، والذي يضيف للعقل والإنسان آفاقاً غنية وواسعة، يحاول هذا التأليف أن يحيط ببعضها. لهذا كله جاءت هذه الدراسة مقارنة بين التراثين الإسلامي والغربي في الموضوع، ومستفيدة من علوم إسلامية وإنسانية متنوعة كالتفسير والعقيدة والفكر والفلسفة ونظريات المعرفة. فلعل هذا الكتاب يكشف عن بعض أسرار علاقة العقل بالغيب، ولعله أيضاً يكون مفيداً في الجدل الحالي الذي يخوضه العالم العربي والإسلامي حول المكانة المطلوبة لكل من الدين والعقل في حياتنا العامة والخاصة.