وصف الكتاب
ينتاب المشرعين السياسيين قلق يمتد إلى حرب فيتنام، مفاده أن الشعب الأمريكي لن يدعم العمليات العسكرية إلا إذا كانت التكاليف البشرية للحرب، مقيسة بعدد الإصابات في الأعمال القتالية، في حدودها الدنيا, وتجعل جملة من الظروف رد فعل الشعب في أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية 2003-2004 تجاه الحرب الدائرة في العراق فرصة مهمة لتقييم هذه الفرضية، وأول هذه الظروف أن الحرب في العراق هي العملية العسكرية الأمريكية الأكثر جدلاً والأشد فتكاً بعد حرب فيتنام. وبحلول يوم الانتخاب في تشرين الثاني/نوفمبر 2004 لقي حوالي 1200 جندي أمريكي حتفهم في المعارك. وفي الوقت ذاته، بدا الأمريكيون منقسمين بشكل متزايد حول مبررات الرئيس جورج بوش لشن الحرب، حيث طرح كل من تقرير كاي وتقرير ",هيئة 9/11", التساؤلات حول مدى الترابط بين كل من صدام حسين وأسلحة الدمار الشامل وشبكة القاعدة الإرهابية. وفوق هذا كله أغرق الشعب بسيل من المعلومات حول الحرب وتكاليفها من أرواح الأمريكيين، فكان القتال في العراق الموضوع الأكثر تغطية في نشرات الأخبار التي بثتها شبكات التلفزة الكبرى في العام 2004، وذلك بمعدل يساوي تقريباً ضعف عدد دقائق البث التي غطت الموضوع الذي تلا الحرب، وهو إعادة إعمار العراق بعد تلك الحرب.
تناقش هذه الدراسة كيف أن الشعب، في ظل ظروف معينة، يتحمل وقوع أعداد كبيرة من الإصابات في صفوف العسكريين الأمريكيين. مع التأكيد بأن الشعب الأمريكي -وإن كان يبالي بالتكاليف البشرية لسياسة بلاده الخارجية- إلا أن الإصابات نفسها لم تلعب دور الموجه لمواقفه الشعبية تجاه الحرب على العراق، كما أن الإصابات المتزايدة لم تؤد دوماً إلى تخفيض الدعم الشعبي. وتدل قضية العراق على أنه في ظل الظروف الصحيحة سيواصل الشعب دعمه للعمليات العسكرية، حتى وإن أدت إلى تكاليف بشرية مرتفعة نسبياً.
وتركز المناقشة على أن تحمل الشعب الأمريكي للتكاليف البشرية للحرب يحدده بشكل أساسي تلاقي موقفين حاسمين: الاعتقاد بصوابية الحرب أو خطئها، والاعتقاد بإمكانية نجاح هذه الحرب، ويعتمد أثر كل موقف من هذين الموقفين أحدهما على الآخر، ولكننا نجد في نهاية الأمر أن الاعتقاد بإمكانية النجاح أهم ما يحدد مدى استعداد الشعب لتحمل القتلى العسكريين الأمريكيين في الحرب.