خطوة ثانية مباركة في مسيرة البعث للتفكر بمبادئ العقيدة والشريعة، ترسم سبيل النهج الإسلامي للتعليم العالي بعيداً عن متاهات الإستعمار وأعوانه. وهنا تتلمس بعينيك وقلبك حياة التعليم في ميادين البحث والتحقيق للتراث كما رسم أصولها وحقها أجدادنا الأبرار، ثم تجد جرائم الغزو العدواني بما فرض على الجامعات من عبودية له مبرمجة مدبلجة، وإرتجال وإعتباطية في البحث وتصفية للعقول المستنيرة.

وخلال هذا البيان لما تتميز به حضارة الإسلام عن حضارة العدو، في أصول العقيدة والغايات والأمانة والتوجه بإخلاص إلى سعادة الإنسان الأبدية. وقد تلا ذلك تطبيق عملي للمبادئ والأصول، من خلال الخطيب التبريزي، في متابعة مهام التعليم العالي وغاياته، وتحقيق أساليب البحث وإبتكار منهج التكامل فيه ونهج التهذيب، توثيقاً وشمولاً لحقول المعرفة والبيان والنقد. وبهذا كان مثالاً حياً لما يقوم به رجال البحث والتأليف والترشيد لأجيال العلوم والفنون والآداب.

ثم تقف على نموذج ميداني لتطبيق نهج الحضارة الإسلامية في بحث المسائل العلمية المستعصية من خلال تكوين المهارات النحوية، بعرض الحلول الميسرة لما فيها من معضلات. وقد إنبسطت أمام الأنظار كل من الأسس التربوية بالمناخ الصالح لغوياً ومنهجياً، والأسس النفسية بتيسير عروبة اللسان تبعاً لمقتضيات الحياة والمهام العملية فيها، والأسس المنطقية بالتدرج في توزيع تعليم النحو على مراحل الدراسة الدنيا والعليا وتوضيح المفاهيم والعلاقات بين فروع هذا العلم وتوظيف المهارات النحوية في ميادين النشاط، مع التطبيق العملي بمعادلات رياضية للبيان.

ترى كل ذلك في عرض علمي مبسط، تدعمه الأمثلة الواقعية وتجارب التاريخ والحاضر، ونماذج من الممارسات التعليمية زيادة في تهيئة بيئة العلم والتعليم والبحث والإنتاج الحضاري، لإمداد الأمة بما تحتاج إليه في الحاضر والمستقبل، من حفظ لكرامتها وتحقيق إنسانيتها وأهليتها لقيادة العالم نحو الخير والفلاح.