شكل هذا الكتاب مدخلاً لقراءة الواقع التربوي للبلدان العربية والتعرّف على استراتيجياتها وسياساتها التربوية، ويهدف إلى تأصيل فلسفة تربوية عربية تقود وتوجه وترشد الأنظمة التربوية العربية، فهو - أي الكتاب - غني بالنظريات التربوية التي يمكن من خلالها إعادة النظر بمضامين الفلسفة التربوية وكذلك إعادة النظر بالمناهج الدراسية، ورسم الإستراتيجيات الآيلة لتحقيق الأهداف الحديثة للعملية التربوية برمتها. والكتاب في مضمونه يولي أهمية للبحث في أنماط التفكير والفروق الفردية بين المتعلمين، الموضوع الذي شغل بال مؤلفه الباحث القدير الأستاذ الدكتور ",ماهر إسماعيل إبراهيم الجعفري", والذي تبوأ مسؤوليات تربوية عديدة فكان معلماً وأستاذاً جامعياً ووكيل وزارة التربية في بلاده (اليمن). وقد وضع في الكتاب حصيلة خبرته في هذا المجال. فقد تأكد للمؤلف - كما يقول - أن سيطرة مفهوم الذكاء الواحد والذي تطور في إطار مواهب وقدرات، له مقياس يؤشر مستويات الذكاء عند الإنسان. والسؤال المحير لي ما يزال قائماً إلى أن اطلعت على نظريات الدماغ وأبحاث علم الأعصاب والبحوث التي توصلت بشكل دقيق وواضح إلى مكوّنات الدماغ وتصنيفها ووظائفها وعلاقتها بالعقل والتفكير ...",. من هنا يمكن لهذا العمل أن يكون نقلة نوعية بالنسبة للقائمين على العملية التربوية تقودهم إلى فهم الفروق الفردية في مستويات الذكاء عند الإنسان، والتي يتحقق بها مبدأ جاردنر القائل: بأن تنمية ذكاء ما يؤثر في تنمية ذكاءات أخرى. وكذلك تساعد هذه النظرية ",نظرية جاردنر 1983 التربوية", ، والتي أطلق عليها نظرية الذكاءات المتعددة في التحصيل العلمي وتحسين التفكير (العلمي، الإبداعي .. التأملي .. الخ). من هنا يدعو المؤلف إلى تأسيس مدرسة تجريبية عربية، أو مدارس في الأقطار العربية، تعمل في إطار هذه النظرية والنظريات الأخرى القائمة على الدماغ بنصفيه الأيمن والأيسر، لتحتضن في الأقل المتميزين من الطلبة، وبهدف تسريع تحسين الذكاءات ذات المستوى المتدني، وتحسين التفكير بأنواعه.

في ضوء ما تقدم يشرح المؤلف أبعاد هذه النظريات وأهم المبادىء القائمة عليها، والإستراتيجيات التي طرحتها نظرياً وتطبيقياً، والمقاييس التي اعتمدتها في بحوثها التجريبية.

من المعروف بين أوساط المشغلين بالفكر الفلسفي أن طبيعة الفلسفة طبيعة بنائية تراكمية لأن طبيعة التفلسف هي أن لا يمكن أن يكون بمعزل عن الجذور والبذور للفلسفات التي سبقته لا سيما أن كل فلسفة هي وليدة رؤى الفليسوف ومعطيات المرحلة التاريخية.

تقسم هذه الدراسة إلى أربعة فصول وهي على الشكل التالي: الفصل الأول: ",الفلسفات التربوية والمنهاج الدراسي",، الفصل الثاني: ",الفلسفات ورؤيتها التربوية",، الفصل الثالث: ",الذكاءات المتعددة",، الفصل الرابع: ",قضايا معاصرة",.