وصف الكتاب
إن الباحث في جسد المرأة ",اللوياثاني", من خلال ما لا يحصى من الدراسات التي تعرضت له، يمتلكه حسّ الغرابة وصدمة المدوّن، وهو تحت وطأة هذا الإرث الثقافي والتاريخ المحور له.
لجسد المرأة إعتباره التاريخ الخاص جداً، كما لو أن الرغبة في كتابة تاريخ فعلي، ولكي نكون رغبة صادقة، وناشدة الحقيقة، لا بد أن تستند إلى إرادة معرفة، وهي أن تمنح هذا الجسد حضوراً أشمل، وكأن ثمة لزوماً إسعافياً هنا، لمعالجة التاريخ نفسه، وتطهيره لوثاته التي لحفت به جرّاء هذا العنف الموجه في جسد المرأة، سواء كان الحديث عن وازع شعوري أو لا شعوري.
ليس على الجمال من حرج إن بذل قصارى جهده، لتعيين آليات عمل مغايرة، وإستشرف أفقاً مغايراً للنظر في بنية هذا الجسد، رامياً إلى طرح مجمل ما سطر عنه خلفاً، وتحديداً، حين يشار إلى العلاقة الرحمية أو الدلالة بين المرأة والدنيا.
وهذا يمثل تحدّياً - في حدّ ذاته - لمن يحاول الحفاظ على مغزى هذا الربط، ومن ثم يقارب نوعية الحقيقة المتشكلة وراء هذا الدفع بالتاريخ لأنه يفصح عنه هكذا ذكورياً تماماً، ليردّ ديناً، أي يسترد حقوقاً تجعل الجمالي جمالياً فعلاً جائز هذا الطرح حين يُنْظَر في جسد المرأة وكيف أُثقِلَ عليه، وغيّب عن الأنظار، أو جرى إختزاله وراء أكثر من حجاب، وعادل الحجاب نفسه كما لو أن المرأة لا تمتلك جسداً يتنفس أو يحيا نظير جسد الرجل؛ إنما جسد لا ينظر فيه إلا في حالات خاصة جداً، جسد محكوم بتاريخ لم يُستَشَرْ فيه، أو يصغى إليه، وهو موضوع إزاء مجرّده من كينونة حيوية قادرة على أن يتكلم أو يقرر مصيره، أو يقدم إقتراحاً، أو يصدر حكماً على مقابله، من منظور قدرته على تأكيد الإختلاف، وروعة الإختلاف، حيث أن الجمالي ليس أكثر من الإعتراف بهذا التنوع.
هو تاريخ طويل استوقف الباحث كثيراً، وهو في حراكه اللافت وتوليفه الغريب في محاولات كتابية متنوعة، تاريخ هذا التفنن الخاص جداً في إخراج الجسد، وكأنه مقرّر مصيراً هكذا، ليكون قابلاً للإستعمال أو التداول، أو توليد المتع دون مراجعة؛ ورغم ذلك، لا يكف ممثل خطاب الذكرَّ وهل اللغة تتعدى الذكوري، وأرشيف الذكورة السيء حتى هذه اللحظة؟!، عن أن كل حديث عن غبن المرأة وإضطهاد امرأة أو دونية المرأة، من قبل أي كان، وتحديداً من قبل القيميين على المجتمع أو العقيدة، لا يخلو من جانب مؤامراتي وتحامل على التاريخ نفسه، بينما جسد المرأة لا ينفك يواجه بعطالة التاريخ، ودماء تنزف داخلاً وخارجاً، وصرفات ضحايا من النساء، وهو، حقوق، وتصميت أصوات، عند التعرف على هذا الجسد من خلال: الجارية الأمة والمحظية والسريّة...
وكل هذه التصنيفات لا تترك للمرأة بإعتبارها الجسدي سبيلاً إلى راحة ما أو هدته مع جسدها، لنعم به أو لتستكين إليه بعيداً عن إيحاء وسواسي أو هاجس عصابي وسوى ذلك من التهيؤات تلك التي تبقي المرأة جسداً مطروحاً خارج إنتمائه الجنسي والنوعي، وبالتالي ليجري تمثيله تهوياً، لا أدل على ذلك من البداية من إعتبارها معادلة للمهضوم أو حين يجري إستمراؤها، على صعيد تخفيض مريع في نسبة حضورها إلى ما هو إنساني.
ضمن هذه المقاربة الفلسفية تأتي هذه الدراسة حول جسد المرأة في محاولة للبحث عما جرّد المرأة وجسدها من أبعاده الإنسانية، وذلك تطلب من الباحث جولة في ما شكل ثقافة جسد المرأة في الكتابات السوسيولوجية والفلسفية والتاريخية والعقدية.