لقد طرح المربون والمهتمون بالتفكير وأنماطه ومهاراته المختلفة تعريفات عدة لهذا المفهوم المهم وللمهارات ‏الكثيرة المنبثقة عنه، بحيث يصعب إستيعابها أو تعلمها أو تعليمها دون إدراك المعنى الحقيقي للتعريفات ‏المتعلقة بها وفهم ما تقصده تماماً قبل أن يتم البناء عليها من حيث أهمية تدريس التفكير ومهاراته المتنوعة، ‏والأهداف التربوية المنشودة التي تسعى لتحقيقها، ومجالات تطبيقها في المنهج المدرسي أو في الحياة ‏اليومية، وخطوات تنفيذ هذه المهارات وإجراءات تعليمها، وربطها جيداً بجوانب المواد الدراسية المختلفة، ‏والخلفية المعرفية لها.‏ ‎

‎ وإلى ذلك، يمكن تعريف التفكير على أنه عبارة عن مفهوم معقد يتألف من ثلاثة عناص تتمثل في العمليات ‏المعرفية المعقدة وعلى رأسها حل المشكلات، والأقل تعقيداً كالفهم والتطبيق بالإضافة إلى معرفة خاصة ‏بمحتوى المادة أو الموضوع مع توفر الإستعدادات والعوامل الشخصية المختلفة ولا سيما الإتجاهات ‏والميول.‏ ‎

‎ وللتفكير أنماط متنوعة؛ كالتفكير العلمي، والفلسفي والمطلق، والمادي، والمنطقي، والإبداعي، والتحليلي ‏وو...‏ ‎

‎ من هذا المنطلق، يأتي هذا الكتاب الذي يعتبر المرجع الوحيد في اللغة العربية الذي ركز بالدرجة الأساس ‏على تدريس خمس وأربعين مهارة تفكير مهمة التي تم عرضها وتنظيمها ضمن ستة أبواب اشتملت على ‏خمسة وعشرين فصلاً، دار الباب الأول منها حول التفكير ومهاراته من تعريفات التفكير وأنماطه ومهاراته، ‏كما تم طرح مقدمة نظرية عن التفكير ثم الحديث حول مهارات التفكير المتعددة، بينما اهتم الباب الثاني ‏بتدريس مهارات التفكير الناقد حيث تم البحث في إستراتيجيات التفكير الناقد المختلفة ثم مهارة الإستنتاج ‏والتفكير الإستنتاجي، وليتم الإنتقال من ثم للحديث عن التفكير الإستقرائي، وتدريس مهارة التمييز بأنماطها ‏المختلفة، وليتم بعدها توضيح عملية تدريس مهارتي المقارنة والتباين وتحديد السبب والنتيجة، ثم مناقشة ‏وتدريس المهارات الآتية على التوالي: تدريس مهارتي تحديد الأولويات، والتتابع، ثم تدريس أربع مهارات ‏للتفكير الناقد هي: التعرف إلى وجهات النظر، وتحديد مواطن التميز والنمطية الجامدة، والتحقق من التناسق ‏أو عدمه في الحجج والبراهين، وتحليل المجادلات.‏ ‎

‎ وبالإنتقال إلى الباب الرابع نجد أنه تناول تدريس مهارة التفكير الإبداعي بما اشتمل على التركيز على مقدمة ‏نظرية عن الإبداع ومقدمة نظرية أخرى عن التفكير الإبداعي، وليتم من ثم الحديث حول تدريس المهارات ‏الأربع المهمة للتفكير الإبداعي وهي: الطلاقة والمرونة والأصالة والتوسع أو التوضيح، أما الباب الرابع فقد ‏دار حول تدريس مهارات التفكير الخاصة بجميع المعلومات، واقتضى ذلك الإهتمام بتدريس مهارات ثلاث ‏هي: التذكر، والوصول إلى المعلومات، وشدّ الإنتباه، بالإضافة إلى تناول تدريس مهارات أخرى هي: ‏الملاحظة، والإصغاء، وتدوين الملاحظات، ليتم من ثم الإقتصار على تدريس مهارة كبرى ومهمة تتمثل في ‏طرح الأسئلة أو المساءلة، وحول تدريس مهارات عرض المعلومات وتنظيمها جاء الباب الرابع، بما اشتمل ‏على تناول تدريس ثلاث مهارات في هذا الإطار وهي الوصف، والتصنيف، وتنمية المفاهيم أو تطويرها، ‏بالإضافة إلى ثلاث مهارات أخرى هي من الأهمية بمكان وهي: التنظيم المتقدم، وعمل الأنماط المعرفية، ‏وعرض المعلومات بيانياً.‏ ‎

‎ وأخيراً تم تخصيص الباب الرابع لمنافسة موضوع مهم تمثل في تدريس مهارات حل المشكلات، واقتضى ‏ذلك الإهتمام بتدريس ثلاثة مهارات مهمة للتفكير هي: طرح الفرضيات واختيارها، وتقييم الأدلة، وعمل ‏الخيارات الشخصية، في حين تم من ثم مناقشة تدريس مهارة حلّ المشكلات ذاتها كمهارة وكطريقة تدريس، ‏ثم تدريس ثلاث مهارات هي: تحمل المسؤولية، إصدار الأحكام، والتعميم، في الوقت الذي تم التركيز بعدها ‏على تدريس خمس مهارات لحلّ المشكلات تمثلت في التنبؤ ووضع المعايير، وتطبيق الإجراءات، والتفكير ‏بإنتظام، وإدارة الوقت.‏ ‎

‎ وتجدر الإشارة إلى أن المؤلف حاول وعند توضيحه عملية تدريس كل مهارة من مهارات التفكير الخمس ‏والأربعين التي تناولها هذا الكتاب المرجع، أن يطرح الكثير من الأمثلة التطبيقية التربوية أو الحياتية والتي ‏كانت بالمئات، وذلك من أجل التسهيل على القارئ سواء أكان طالباً، معلماً، أو أستاذ جامعي أو باحث أو مهم ‏بهذا المجال الحيوي والهام جداً على الصعيد الفردي بصورة عامة وللعاملين في قطاع التربية والتعليم على ‏وجه الخصوص. ‏

يمتاز هذا الكتاب المرجع بالخصائص العلمية والتربوية والتطبيقية الآتية:
1- تناوله لأهم الموضوعات العصرية على الإطلاق في ميدان التربية وعلم لنفس والتي تركز عليها الدول المتطورة في تسليح أبنائها بسلاح مهم يتمثل في اكتسابهم لمهارات التفكير الفعالة المسؤولية عن ظهور العلماء والباحثين والمفكرين والمبدعين.
2- كونه الكتاب أو المرجع العربي الوحيد الذي تناول عملية التدريس الفعلي لخمس وأربعين من مهارات التفكير المعروفة دفعة واحدة، والتي تم تحديدها بالاسم في مقدمة هذا الكتاب، وتفصيلاً في فهرسه وفصوله الخمسة والعشرين.
3- تركيزه على مهارات تفكير كثيرة تهم جميع الناس من طلبة ومعلمين وأساتذة جامعات وباحثين ومهتمين، ومثل ذلك أولياء الأمور الحريصين على اكتساب أبنائهم لمهارات حيوية تشجعهم على التفكير السليم والفعال لتلبية مطالب القرن الحادي والعشرين.
4- اشتماله على المئات من الأمثلة التعليمية والتعلمية والحياتية ذات العلاقة بالمناهج الدراسية العربية المقررة من المحيط إلى الخليج، مما يسهل من فهم مهارات التفكير واكتسابها.
5- ظهور هذا المرجع بعد عشرة أعوام متواصلة من قيام المؤلف بتدريس مهارات التفكير في الجامعات العربية المختلفة من خلال مقررات دراسية عديدة، وبعد مشاركته فيما يزيد عن خمسين ندوة أو ورشة تربوية أو لقاء علمي أو محاضرة عامة، أو بعد وبعد نشر العديد من البحوث والمقالات التربوية عن هذه المهارات في مجلات علمية محكمة.
6- وجود قائمة طويلة جداً شملت عدة مئات من المراجع العربية والأجنبية الحديثة ذات العلاقة بالتفكير ومهاراته وأنماطه، مما يجعلها عوناً للباحثين والمهتمين ومن يريد المزيد من التعمق.