وصف الكتاب
",يمضي عام ويأتي عام بسرعة البرق، ونخبر بعضنا البعض أنه مضى دون أن نشعر به... ولكن حين نعيد شريط ذكرياته وأحداثه نكتشف أن هذا العام قد حمل عمراً من التقلبات الجذرية التي لعبت دوراً في تغيير مجرى حياتنا..",.
ورواية ",وجوه في مرايا متكسرة", هي أحداث عام تبدأ برأس السنة وتنتهي ...في رأس السنة.ففي حبكة روائية مشوقة استطاعت الروائية ",منى الشرافي تيّم", أن تستولد في كل مرة شخصية جديدة تعكس حالة خاصة. هي وجوه متعددة أطلت من خلالها الروائية على واقع الحال الذي يعيش في ظله المجتمع اللبناني في الآونة الأخيرة.
نسجت خيوط الرواية أحداث كثيرة.. عبّرت عن تلك الأحداث شخصياتها التي لعبت دوراً جوهرياً في تجسيد صورة المجتمع وتناقضاته... بسلبياته وإيجابياته: الترابط العائلي... الجريمة... الحب والعشق... الخيانة... اغتيال الحق...
قضايا متعددة برزت في ثنايا هذه الرواية لتنسج الروائية قراءتها النقدية – الاجتماعية إلى أولويات حياتنا وأهدافنا، لنعيد النظر في قضايا كثر تفرض نفسها في مجتمعاتنا العربية شئنا أم أبينا، فهل نعطي الأولوية للشكل أم للمضمون، كيف ننجح ولماذا نفشل في أحايين كثيرة، ماذا يريد الرجل الشرقي من المرأة. هل يحبها كلاسيكية، أم عصرية تلفته مفاتنها.
يقول كمال مخاطباً ابنته: ",من الجيد أن يكون الإنسان مهتماً بالتفوق والنجاح وإحراز أفضل النتائج... ولكن الصعيد الاجتماعي لا يقل أهمية... فإطلالتك التي تظهر جمالك وأنوثتك وجاذبيتك، هي التي تصل إلى القلوب أولاً..",.
أما الشباب فتعبّر الروائية عن أحوالهم تقول: ",إن الأحوال القاتمة التي يعاني منها معظم الناس في لبنان، ولا سيما الشباب الذين يعجزون حتى عن الحلم والتفكير بالمستقبل... تنظرين إليهم فترينهم قد شاخوا وهرموا قبل أوانهم...",.
وفي جانب آخر من الرواية تطرح الروائية قضية على غاية من الأهمية وهي (المخدرات): ",سأبدأ من مراكز تأهيل المدمنين، ومن السجون، في محاولة مني للوصول إلى الرؤوس الكبيرة التي تروج هذه السموم عن طريق أدواتها من الفقراء والمحتاجين والعاطلين وذوي النفوس الضعيفة...",.
أما قضية الزواج المختلط فلها أولوية في هذه الرواية من خلال شخصية سلمى: تقول مخاطبة صديقتها: ",نعم لقد وصلت إلى نهايتي مع مايك يا شروق، فضعف شخصيته أمام والدته يثير أعصابي، فهي ترفضني تماماً (...) إنها مؤمنة أن الزواج من غير دين ابنها سوف يحطم حياته ويشتت الأسرة...",.
أما أمور الحب والعاطفة والرغبة والزواج غير المتكافئ تضيء عليها من خلال شخصية نور تقول: ",نسبة النجاح أو الفشل يا سيد كمال موجودة دائماً في كل أنواع الزواج، فمن يضمن لي أن زواجي من شاب من عمري... سيكتب له النجاح وليس الفشل؟! فالفقر يا سيد كمالاً يجلب الفشل!",.
وهكذا أضاءت الكاتبة على قضايا متعددة، حملت من خلالها هموم مجتمعها من خلال إثارة أسئلة هامة لحالات إنسانية شفافة حملت جانباً خفياً في كل شخصية من شخصيات الرواية.
",وجوه في مرايا متكسّرة", عمل روائي أقل ما يقال عنه، هادف، يطرح قضايا، هامة، وراهنة، تنبه من خلالها الروائية إلى الثغرات والأخطاء التي يعاني منها مجتمعنا العربي وضرورة إعادة بناء الشخصية الإنسانية بشكل جديد، في مجتمع يُحترم فيه الإنسان كقيمة أعلى في الوجود.