وصف الكتاب
«زوايا النسيان» هي رواية عن الحب المحرم أو الحب المستحيل أو المطلق في الحب، سّمها ما شئت، بل هي رواية عن كل ما تعجز الكلمات عن وصفه لامرأةٍ عاشقة. لم تدم سعادتها سوى ليلة؛ هي ليلة استسلمت فيها لقلبها... تناست عقلها ونفته خارج حدود ذاتها... لتستيقظ في اليوم التالي وواقع ...حالها يقول؛ بأنها امرأة لا حق لها بالحب وإن أحبت فلتصمت.ولأنه لا يفهم المرأة إلا امرأة مثلها تسوق الروائية ",ناهد فران", هذه المرة إلى مسرح الأدب امرأة تؤمن بمجانية العشق حدّ اللاوعي أو حدّ التماهي بالآخر وقد اختارت الكتابة صديقاً مخلصاً لها تبوح لها بالسِّر؛ فمن غير القلم يكتم أسرار المحبين وإن كان ذلك بصمت.
ولكن يبقى السؤال الذي يقحم نفسه في عقل المطلع: ما هو نوع هذه الرواية؟ هل هي قصة حبٌ وشوقٌ لا ينته؟ أم إنها واقعة خيانة وتأنيب ضمير؟
تبدأ الرواية برسالة مباشرة من البطلة ",عبير", إلى قارئها البطل الذي بقى مجهولاً لا اسم له (...) وتنتهي بذلك كما تخاطبه في منتصف الأحداث قائلة:
",ما زلت أكتب قصتنا، أروي لمن سيقرأ كيف التقينا وحدث ما حدث بيننا.
أنا الآن في المنتصف، منتصف البوح، منتصف الرواية، منتصف الحب ومنتصف نسيانك... لم أعد أراك كلك، فهل بدأت تتلاشى؟ كلما زدت في الكتابة زاد وجهك بعداً وغرابة... فهل كنت أحتاج لشاشة وأزرار أضغط عليها بأصابعي طوال الوقت لأحرر نفسي منك... لأضيع في ذكريات كثيرة تستحضرني تقفز أمامي صارخة: أكتبيني.
لم أطمع لأكثر من رمي حِمل مشاعري فإذ بي ألقي عن كاهل العشق همّكَ... أتحرر درجة درجة من حبك وهوسي ومرضي بك... نعم مريضة أنا بك، مدمنة لعينيك ولكنني في طريقي لأتعافى، كلما انتقلت لصفحة بيضاء جديدة كلما ابتعدت بالمسافة ما بين قلبي وقلبك...
فادعُ لي بالشفاء، بالخروج من مصحة الكلمات امرأة جديدة قادرة على شطب الحزن من قيود هويتها، على زرع الأمل في نفسها، على فتح ذراعيها للحياة...
هذه الحكاية يتم تظهيرها من خلال رصد حياة أسرة لبنانية أثناء الحرب الأهلية وتحولاتها عبر الزمان والمكان؛ فتبرز الروائية من خلال الوقائع والأحداث والشخوص تأثير الحرب على العلاقات الأسرية والأفراد؛ فتحضر في النص بالإضافة إلى ثيمته الرئيسية ",الحب", موضوعات أخرى تشكل نسيج الحكاية ومن بينها مشاهد الحرب مع اسرائيل ومقاومة العدو والصراع على السلطة والتدخلات الدولية والإقليمية والوجود الفلسطيني والسوري ودور الأحزاب وغيرها من إرهاصات ذلك الزمن الغير بعيد عنا، وهنا تكمن العبرة المستوحاة منها، وتبرز أهمية استعادة الأحداث التاريخية روائياً وإسقاطها على الحاضر في هذه المرحلة من الزمن، كما تبرز أيضاً براعة الروائية ناهد فران في وصف الأشياء والشخصيات وحركتها التي تم توظيفها في خدمة البعد الخفي المطمور في السطور والرسالة التي تبعث بها إلى قارئها.