وصف الكتاب
في هذه الرواية تقص علينا الروائية الكويتية ",ليلى العثمان", حكاية خاصة، ارتكزت فيها على مقاربة نفسية، تستنطق من خلالها مكبوتات لا شعور أبطالها.
فسلوكيات شخصيات هذه الرواية بما فيها من القسوة والظلم المتعمد جاءت نتيجة تجارب مرة حدثت لهم أثناء حياتهم، وخصوصاً، الفتى سالم، والعمة المتسلطة، والأب المستكين، والزوجة المظلومة؛ ...فمن خلال هذه المجاميع برعت الروائية في حياكة قصة اجتماعية ذات منحى بوليسي يلفه الغموض.في بداية الرواية يطل علينا الفتى ",سالم", السجين المتهم بقتل زوجته ",حصة", والمتهم ينكر ذلك، إلا أن المحامي يذكّره بضرورة أن يثبت العكس، لتظهر براءته، فينهار ",سالم", نفسياً ويبدأ بضرب الحائط، وهو لا يكتفي بالإنكار فقط بل يطلب من المحامي أن يجلب له عمته ليقتلها، فهي برأيه من قتلت حصة، مثلما قتلت قطته الجميلة دانة ",لم أقتلها. ولم أقتل القطة دانة، عمتي هي التي فعلت هي القاتل",. وحيث تنهار صحة البطل، يطلب المحامي نقله من السجن إلى مستشفى للأمراض النفسية للمعالجة.
وهناك في المستشفى يبدأ ",سالم", باستدعاء الوقائع التي عصفت بحياته على يد عمته، يصف أبيه ",دوماً كان مشلول اللسان، فاقداً لإرادته كنت محروماً منه ومحروماً حتى من زيارة أمي التي لم يغب طعم حنانها، لم يجرؤ أبي أن يأخذني لزيارتها",.
وهنا، نلحظ أن الروائية اتخذت من الخطاب الرمزي وسيلة لها، كما أنها تزاوج بين الخطابات المختلفة، حيث نكتشف في متن الرواية تداخلاً للخطاب الرومانسي مع الواقعي، مستعينة بعملية الاسترجاع الفني (الفلاش باك) وأسلوب التداعي، وكذلك أسلوب البوح والاعتراف وأحاديث النفس الداخلية، كما أنها تُعنى بالحلم على طريقة الرومانسيين أو الرمزيين.
ثم تتوالى الأحداث في الرواية حتى زواج البطل من ",حصة", التي اختارتها عمته لتكون زوجة مطيعةً له ولها، متطرقة بكثير من الجرأة إلى تفاصيل العلاقة التي جمعتهما، والحب الرومانسي، حيث ظل البطل متمسكاً بزوجته رغم طلب عمته وأبيه أن يطلقها نتيجة ",حملها", الذي أثار شكوكاً لدى العائلة والذي أدى إلى مقتلها في نهاية الرواية.
ولكن من قتل ",حصة", هذا ما سوف نكتشفه معاً في هذه الرواية الشيقة بتفاصيلها، والهادفة بمعناها، ودفاعها عن حق المرأة في مجتمعاتنا الشرقية، والتي تنظر إلى شرف العائلة كمعيار أساسي في تقييم المرأة كما في قصة ",حصة", البريئة التي لم تعرف كيف حملت، ولماذا قتلت. سؤال مفتوح في الرواية ولكنه غير مكتمل، وهذا ما يميز أعمال ليلى العثمان، فليس أمام الرواية عموماً إلا البحث عن المجازفات، فهل أصابت الروائية في وضع اليد على الجرح، وهل استطاعت سبر أغوار النفس البشرية المظلمة والمخيفة التي لا يتوغل في غياهبها إلا كاتب جسور كـ ",ليلى العثمان",. بالتأكيد نعم، أجادت الروائية كما في كل رواياتها السابقة...