وصف الكتاب
في روايته ",إثنتان وعشرون دقيقة", يعيد الروائي هاشم السيّد إحياء مفهوم العبثية في الرواية العربية للتعبير عن حالة التشيؤ والاستلاب في فكر المجموعات الاجتماعية اتجاه المستعمر أثناء الحرب، فيُدخل القارئ في أجواء الحرب العالمية الثانية ومآلاتها على بطله ويليام باركر وبيادقه الخمسة، وهم يخوضون حرباً شرسة تابعة لقوات التحالف باعتبارهم أدوات لا أكثر.. وبعد اعتقالهم وسجنهم سوف يتمكنوا من الفرار من حرب عبثية بلا عودة. بطل الرواية ويليام باركر إنجليزي جاء إلى باريس بهدف دراسة العلوم الإنسانية في المناطق المتنازع عليها بعد أن أنهكته الحرب؛ لتنتهي حياته بمحاكمة يتهم فيها بشروعه في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية على الرغم من تضحياته للآخرين.. فعاش حياته بذاكرة رجلٍ تتوق إلى ماضٍ رحل بلا عودة، وتمقت الحاضر. فللحنين قصص تقتحم مخيلته عنوة، ودون سابق إنذار. ",إثنتان وعشرون دقيقة", رواية تهتم بالعالم الداخلي للإنسان وألمه وتشظيه وبحثه عن ذاته، وعن سعيه لإيجاد معنى لحياته مع أنه لا جدوى من البحث. فالوجود كله عبثي وغير عقلاني وبلا غاية؛ كما تُنبأ به أحداث الرواية. ومع ذلك جعل الروائي بطله يتمرد على هذه اللاجدوى التي تكتسح حياته بزمن لا يتعدى ",إثنتان وعشرون دقيقة", كانت بالنسبة إليه بمثابة حياة كاملة، وذلك عندما استمع إلى ماري وهي تنفخ أنفاسها الساخنة بآلة السَاكسُفون اللامعة. فعاشها وميضاً من اثنتين وعشرين دقيقة. دقائق مقدسة، تسرق الحلم، وكل أمل. مليئة بالألم والفرح. من أجواء الرواية نقرأ: ",أتظن أن هناك أي داعٍ للبقاء حيّاً؟ ربما تبدو فكرة غبية. كلٌّ ينظر إليها من زاوية مختلفة. منهم من يرونها ضبابية، وآخرون يرون نورها. الفرقة الأولى، كانت مجرد حظ عاثر. أما الثانية، فلم ترَ خيوط العنكبوت. لماذا تسرق هواء غيرك، دعِ القليل منه أو مما تبقّى لمن يستحقون. أحقّاً تتلو صلاة لمن لا يستحقون؟ أتدعو الرَّبَّ بالثناء عليهم؟ كيف تفعل ذلك؟ أقصدِ لِمَ؟ أترى عُهراً وتلوذَ فِراراً؟ أم سئمت من ذاك الفرار؟ تسمع فتخرس؟ أو تبلع لسانك كما قيل على لسانِ أبناء ويسكس؟