وصف الكتاب
",قابَ قَوسين", هي الرواية الأولى للكاتبة السعودية ",مَرامْ عبد الرحمن مكاوي",، تتحدث فيها عن حالة جسدية ونفسية خاصة، وتأتي أحداث الرواية لتحقق روائياً معاناة صاحب هذه الحالة؛ فتستوي العلاقة بين العلم والأدب ليقدمان لنا قصة فريدة في الشكل والمضمون وحتى في النتائج.
ساري، شاب سعودي يميل للعزلة والانطواء وقلة الكلام، إلا ...حينما يتعلق الأمر بالسخرية من المرأة، إذ يهب مدافعا عنها بشراسة تفاجيء أصدقائه وتغضبهم أحياناً، فهم لا يعرفون بأنه يخفي عن الجميع سراً كبيراً خوفاً من كلام الناس في مجتمع عربي لا يرحم، وينجح في ذلك لأكثر من خمس عشرة سنة، لكن...ماذا يحدث عندما يقع -لأول مرة - في الحب؟ هل يصمد الحب في وجه الخديعة؟
هل تصمد الصداقة في وجه الاختبارات القاسية؟
تبدأ الرواية على المستوى النصي من حيث تنتهي على المستوى الوقائعي، أي أن الكاتبة تصطنع لها مساراً دائرياً، وتروح تروي المقدمات التي آلت إلى هذه البداية/ النهاية، وذلك على شكل وحدات سردية متعاقبة يتناوب على السرد فيها راوٍ عليم بصيغة الزمن الحاضر؛ فيروي وقائع معينة في الزمان والمكان، وصوت بطل الرواية الذي يبدأ يسرد بصيغة المخاطب متذكراً ما حصل، فتتعاقب الوقائع والذكريات وتتجاور لتشكل أساس الحكاية. بهذه المواصفات وسواها، تبقى ",قَاب قَوسين", نصاً روائياً جميلاً ومشوقاً، يطرق منطقة لم تطرقها الرواية العربية، ويولي الاهتمام لحالات تستحق اهتمام الأدب كما استحقت اهتمام العلم. وبهذا لا تعود الرواية خارج الزمن الروائي بل تغدو داخله بامتياز.
من أجواء الرواية نقرأ:
",أمضت سارة بقية يومها تفكر بما قرأته ثم لا تلبث أن تعيد القراءة، كانت تشعر بأنه للمرة الأولى فإن تلك الأفكار المجنونة التي كانت تنغص عليها حياتها منذ أواخر طفولتها وحتى اليوم كان لها وجود على أرض الواقع، فالأمور ليست دائماً كما تبدو، لكن ما ثمن الانعتاق؟
كان السؤال الأخير شديد الصعوبة، مجرد التفكير فيه كان كفيلاً بأن يجعل القشعريرة تسري في جسدها، ووجدت نفسها تتمنى لو كانت هواجسها خرافة ليس إلا، وهو عكس ما كانت تتمناه سابقاً، دائماً المواجهات صعبة، والحقائق أقسى من الخيال، فتخيل بأن أقرب الناس لها سينبذونها، وبأن مجتمعها لن يسامحها على جريمة خداعها له طوال ما يقارب العشرين سنة، حتى لو كان يدرك أنها هي أيضاً كانت مخدوعة، كفيلة بأن يدخلها في جو من الكآبة العارمة والحزن العميق. (...) بكت سارة كثيراً في تلك الليلة، بكت كما لم تبكي من قبل، كانت تدرك أنها قد تكون قاب قوسين أو أدنى من التعرف على نفسها، ونزع الأقنعة التي تخفي معالمها الحقيقية، سالت دموعها حارة واسترسلت في نوم عميق..