وصف الكتاب
أنا معالج نفسي بالتدريب لأكثر من ثلاثين سنة من الممارسة، والعديد من الكتب التي أفخر بتأليفها. وأعرف الكثير عن نظريات العقل, والمرض النفسي, وعن تقنيات العلاج النفسي, ولكن بإلقاء نظرة عامة على مجالي أدركت مدى محدودية وقصور مناهجنا؛ فكثير من الناس يلجئون إلى العلاج لأنهم إلى حد ما يعوقون أنفسهم - فلا يستطيعون الحصول على ما يريدون, ويهدرون أفضل جهودهم، ولا يدركون أنهم يضعون الحواجز أمام الحميمية والنجاح والسعادة. ويتطلب هذا منا الكثير من العمل العلاجي؛ لنكتشف كيف يفعلون هذا بأنفسهم، ويتطلب عملًا أكثر لمساعدتهم على تعلم فعل الأشياء بشكلٍ مختلف. وبالطبع فإني أرى الأشياء ذاتها في نفسي - عادات سيئة كنت متأكدًا أني قد تجاوزتها. وما يثير الغم، أننا نظل كما نحن.
إن السلوك المدمر للذات مشكلة بشرية عالمية لا تحظ باهتمام الكثير من المتخصصين, كما أنه لا تتم مناقشته في الكثير من الكتب؛ ربما لأن معظم النظريات دائمًا ما تعتبر الأفعال المدمرة للذات أعراضًا لمشكلة خفية كالإدمان أو الاكتئاب أو وجود خلل في الشخصية. لكنَّ هناك العديد من الأشخاص الذين لا ينطبق عليهم التشخيص الرسمي, ولا يبدو أنهم سيتخلصون مما يعانونه. كثيرًا ما يتخذ سلوكنا منحى لا يمكن السيطرة عليه, ويتحول إلى هاوية لا يمكننا الخروج منها, حتى وإن كنا ندرك أن هذا السلوك يحولنا إلى أشخاص بائسين. كما أن هناك نماذج للتدمير الذاتي لا نراها, لكنها تظل تؤذينا مرارًا وتكرارًا، وغالبًا ما يختص معظم العمل في مجال العلاج النفسي بهذه الأمور.
خلاصة القول: هناك قوى قاهرة بداخلنا تقاوم التغيير، حتى وإن كنا نستطيع رؤية الأشياء الجيدة بالنسبة لنا بوضوح. كما أن العادات السيئة لا يمكن التخلص منها بسهولة. يبدو الأمر وكأن لنا عقلين، الأول يريد لنا الأفضل، والثاني يقاوم بكل ما أوتي من قوة، عادةً بدون وعي، للإبقاء على الوضع الراهن. وقد بدأت المعرفة الجديدة حول كيفية عمل العقل في مساعدتنا على فهم هذه الذات المنقسمة، موفرةً لنا الإرشاد والأمل في أنه يمكننا عمل الكثير لنتغلب على مخاوفنا ومقاومتنا.
بإمكاننا كمعالجين نفسيين مساعدة الكثير من الناس, لكنْ لدينا عدد متزايد من المرضى المستائين كثيرًا، الذين لم يتمكنوا من الحصول على ما جاءوا من أجله. هذا الكتاب مُوَجَّه إلى هؤلاء المحبطين، هؤلاء الذين لا يتوقعون أية مساعدة، الذين يشعرون بأنه مقدر لهم أن يكونوا سببًا في تعاسة أنفسهم. وموجه أيضًا إلى هؤلاء الذين لم يفكروا في العلاج يومًا، لكنهم يعلمون أنهم في بعض الأحيان ألد أعداء أنفسهم وهؤلاء على الأرجح أغلب سكان عالمنا. توجد وفرة من الأسباب التي تستوجب التفاؤل الآن؛ فهناك العديد من المجالات المختلفة في علم النفس وعلوم الدماغ، ستقدم لك خريطة طريق للتغلب على أية عادات مدمرة للذات تمثل لك نوعًا من القلق.