برز الإهتمام بتطوير الهياكل المالية في البلدان العربية خلال العقد الأخير من القرن المنصرم، وذلك في إطار برامج الإصلاح الهيكلي لإقتصادات تلك البلدان، وإدراكاً بأهمية الدور الذي تؤديه أسواق رأس المال خاصة في تعبئة المدخرات الوطنية وجذب رؤوس الأموال الأجنبية لتمويل التنمية الإقتصادية إلى جانب الوظائف الأخرى التي تضطلع بها تلك الأسواق.

فلا غراب إذن أن تشهد معظم الدول العربية قيام أسواق للأوراق المالية فيها تأخذ شكل البورصة المنظمة تساندها المؤسسات العاملة في السوق كبيوت الوساطة والتقاص والتسوية وصناديق الإستثمار ففي منتصف الثمانينات لم يكن في المنطقة العربية سوى ست بورصات بضمنها بورصة بيروت المعطلة يومذاك حتى تضاعف عددها وارتفع إلى أربعة عشر سوقاً وبورصة مع بداية القرن الحالي، ويجرى الإعداد في الوقت الحاضر لإنشاء بورصتي دمشق وصنعاء.

وتتميز البورصات العربية هذه كغيرها من البورصات الناشئة بخصائص مشتركة من حيث ضيق نطاقها وقصور هياكلها المؤسسية وأطرها التشريعية وإفتقارها إلى متطلبات الشفافية وبناء عليه فإن هذه البورصات تعانى من ضعف الدعامات الأساسية للكفاءة التي تتمثل أساساً في ملائمة حجم السوق وجودة الأوراق المالية المتداولة ومستوى تنويع الأوراق المالية المقيدة ومستوى السيولة وتوفير آليات للحد من التقلبات الشديدة في أسعار الأوراق المالية.

كما واجهت أسواقنا المالية العربية تحديات العولمة المالية الجديدة التي بزغت في النصف الثاني من العقد الأخير من القرن المنصرم بعد تحرير تجارة السلع والخدمات ولا سيما بعد توقيع إتفاقية تحرير الخدمات المالية التي وقعت عليها ما يزيد على 132 دولة في العالم.

في هذا المناخ الدولي والإقليمي برز الإهتمام بدراسة التطورات التي تشهدها الأسواق العربية لرأس المال، وتعتبر هذه الدراسة أحدث الدراسات الإقتصادية التي تعالج الموضوع حيث استخدمت المؤلفة المنهج الوصفي التحليلي في إستعراض التطورات الحادثة في النظام المالي العالمي الجديد، وما أفضى إليه من إنفتاح الأسواق المالية العالمية، وتحرير حركة رؤوس الأموال التي نجم عنها أزمات مالية قاسية عصفت بالعديد من الأسواق المالية الناشئة، وذلك في الفصل الأول، أما في الفصل الثاني فقد ألقت الضوء على الدور الحيوي الذي يلعبه سوق رأس المال في دفع عجلة التنمية الإقتصادية.

وقد أفرد الفصل الثالث للتعرف على المكانة التي يتبؤها التكامل المالي في جهود التكامل الإقتصادي، وتناول الفصل الرابع أهم التحديات التي تواجه أسواق رأس المال العربية في ظل الإندماج المالي الإقليمي والعالمي وكيفية مواجهتها. أقرأ أقل