وصف الكتاب
اجتاحت أزمة مالية طاحنة منطقة جنوب شرق آسيا، وعصفت باقتصاديات دول كانت الأسرع نمواً على الصعيد العالمي، فأدخلت الاقتصاديين في العالم، وأثارت الشكوك حول حقيقة النجاح الذي حققته دول المنطقة على مدى عقدين من الزمان. وقد كانت هذه الأزمة هي الأخطر منذ أزمة الديون التي اجتاحت العالم النامي في عام 1982، بل إنها تضاهي في خطورتها أزمة النظام النقدي الأوربي عام 1992 وأزمة المكسيك عام 1994-1995، وإن كانت تختلف عن سابقتيها من حيث تعلقها بمعاملات القطاع الخاص نتيجة للتطورات التي لحقت في النظام العالمي والتي أفسحت مجالاً رحباً للقطاع الخاص ليكون رائداً لعملية التنمية.
لم تكن هذه الأزمة مفاجئة حيث إن أجراس الخطر كانت قد بدأت تدق منذرة ببدء الأزمة منذ عام 1995 حين تزايد حجم العجز في موازين مدفوعات دول جنوب شرقي آسيا، وتصاعد القلق بشأن ضعف القطاع المالي وهشاشته. وفي عام 1996 قام مسؤولون في صندوق النقد والبنك الدوليين بتوجيه تحذيرات لحكومات كل من تايلاند وماليزيا وغيرهما من الدول ودعوتها لاتباع سياسات تصحيحية، لكن حكومات الدول المعنية لم تكترث لتلك التحذيرات فتفجرت الأزمة في تموز/يوليو 1997 وانطلقت شرارتها الأولى من بانكوك عاصمة تايلاند، حيث انهارت أسواق صرف العملات وأسواق المال، ثم ما لبثت الأزمة أن انتقلت إلى كل من كوريا الجنوبية وهونج كونج وغيرهما من دول المنطقة، وفي ظل تقنيات الاتصالات الحديثة وغيرها من عناصر العولمة التي نعيشها، وصلت أصداء الأزمة للعديد من دول العالم واتسع نطاقها، فقام صندوق النقد الدولي بتقديم المساعدات المالية للدول الأساسية التي تعاني من الأزمة، وحثها على تطبيق برامج إصلاح لنظمها المالية في محاولة منه لاحتواء الأزمة وتحجيم نطاقها.
وبذلت حكومات دول جنوب شرقي آسيا جهوداً مضنية كذلك لإصلاح نظمها المالية والمؤسسية ولتوفير السياسات الاجتماعية الموائمة لمثل هذه الظروف الانكماشية، ومن خلال هذه الدراسة ستقوم الباحثة ",شذا جمال الخطيب", بتحليل الأزمة المالية الآسيوية التي كانت نقطة تحول اقتصادية مهمة من حيث عمق مداها وتأثيرها في النظام الاقتصادي العالمي، باستخدامها لمنهج الاستقراء التحليلي وصولاً للهدف المنشود من دراستها، ويتجسد هذا الهدف في تحليل المؤلفة لأهم عوامل الضعف التي شابت هياكل اقتصاديات دول جنوب شرقي آسيا، والتي بقيت خفية مع استقرار معدلات النمو وغيرها من العوامل التي أفضت إلى تفجير الأزمة، وكذلك لتقف مدى النجاح الذي حققته الدول المعنية في إصلاح نظمها المالية والمؤسسية من جل التخفيف في وطأة الضغوط المالية التي فرضتها الأزمة، وانتشال المنطقة من حالة الانكساش التي انزلقت إليها، علماً بأن تحليلها كان منصباً على كل من ماليزيا، وتايلاند والفلبين وأندونيسيا وكوريا الجنوبية. أقرأ أقل