وصف الكتاب
يختص هذا الكتاب بدراسة ثروة الدولة الإسلامية والنظم التي وجدت بسبب هذه الثروة، وذلك منذ نشأة الدولة حتى منتصف القرن الثالث، وهو الدور الذي كانت فيه الدولة، في الأكثر، موحدة قوية تمثل إمبراطورية متسعة الأرجاء.. كما ويبحث هذا الكتاب بالنظم المادية التي كانت منقذة في الدولتين اللتين كانتا سابقتين لعهد الإسلام، وهما دولتا الروم والفرس. إذ أن الإسلام لم يفتح بلادا غير معمورة، ولكن فتح بلاد آهلة بسكانها تخضع لأنظمة معينة اقتصادية، وغيرها، وكانت أكثر البلاد التي بسط عليها لواءه خاضعة لهاتين الدولتين الرومية والفارسية. لهذا كان من الواجب إفراد ",الباب الأول", من الكتاب لبحث هذه الناحية، وقد عنون: ",بالنظم المالية في الدولتين الرومية والفارسية",. وهو باب ذو فصلين، اختص كل منهما بأقاليم دولة. ففي هذا الباب كانت غاية المؤلف رسم أدق وأوضح صورة ممكنة للأحوال الاقتصادية –ولا سيما نظم الضرائب والمال- في كل من الدولتين. ولما كانت الأنظمة المالية متفرقة عن النظم السياسية أو الاجتماعية، كان لا بد أن يبين ذلك، بمقدار ما هنالك من ارتباط.
وكانت مهمة ",الباب الثاني", أن يأخذ في توضيح نشأة النظم المالية الخاصة بدولة الإسلام، ويسير معها في أدوار نموها، مبيناً خصائصها وصفاتها، حتى تصير نظماً عامة واضحة المعالم في أواخر عهد الخلفاء الراشدين. لذلك عنون هذا الباب: ",النظم المالية للدولة الإسلامية",: وهو يشمل عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين. وفي بداية هذا الباب تم تبيان أحد وجوه المقابلة الهامة بين العصر الجديد والعهود التي سبقته، ليوجد ربط بين هذا الباب والباب الأول: حيث تم ذكر بعض الصفات البارزة للدولة الإسلامية، وفي مقدمتها أن حكم القانون حل محل إرادة الإمبراطور أو الشاه.
أما ",الباب الثالث", فقد خصص لتتبع تاريخ الخراج طوال عهد الدولة بني أمية، وقد جعل عنوانه: ",الخراج والأموال في عصر الأمويين",. ولكثرة الأحداث والأعمال في هذا العصر، قسم الباب إلى فصلين: ",الأول",: ",من معاوية إلى آخر عهد سليمان بن عبد الملك",، والثاني: ",من عمر بن عبد العزيز إلى نهاية العصر",. ومما بحث في هذا الباب الاضطرابات التي نشأت بسبب الخراج في آخر العهد السابق، واستمرت في أول الدولة، وتنظيم ",زياد", الخراج في خراسان، ثم عناية معاوية بأمر الخراج وإنماء الموارد، وكذلك مسألة ",البطائح", وهدايا ",النيروز", وإنشاء ديوان الخاتم، الخ الأمور التي أوضحت سياسة معاوية المالية، ثم إسراف يزيد، وآثار الاضطرابات الداخلية التي تلت عهده، أي آثارها على الناحية المالية.
تلا ذلك ",الباب الرابع", والذي خص لموضوع الخراج، ",مقاييس الخراج والثروة",، والمراد بها المقاييس التاريخية الإسلامية. وهو مكون من ثلاثة فصول: ",الأول", الأطوال والمساحات، و",الثاني", الأكيال، و",الثالث", الأوزان والنقود.
ثم جعل ",الباب الخامس", مخصصاً لبيان أحوال الخراج طول العصر العباسي الأول أي من بدء قيام الدولة العباسية إلى منتصف القرن الثالث.أما ",الباب السادس", –وهو الأخير- فقد خصص لدراسة قوائم الخراج، وهي هذه القوائم التاريخية النادرة التي حفظها لنا التاريخ عن العصر العباسي الأول، وقسم هذا الباب إلى ثلاثة فصول: الأول لبحث قائمتي الجهشيارى وابن خلدون، والثاني لبحث قائمتي قدامة وابن خرداذبة، والثالث لتحقيق أمور متممة لتوضيح طبيعة العصر العباسي.