وصف الكتاب
عرف الوطن العربي أولى الحضارات الإنسانية في العالم، وشهد أوّل مفهوم للدولة تعددت فيه الدول وامتدت سلطتها إلى مناطق متعددة من العالم، وتبادلت العلاقات الدولية بينها في مختلف المجالات، واستخدمت جميع الوسائل الدبلوماسية لتسوية المنازعات. وقد أقيمت في مختلف أرجاء الوطن العربي حضارات متميزة ومن أبرز تلك الحضارات، حضارات وادي الرافدين ووادي النيل واليمن السعيد والشام. فقد شهدت تلك الحضارات دولاً متقدمة ومتطورة في المجالات الإنسانية والعمرانية والقانونية... واتسمت علاقاتها الدولية بالحروب تارة وبالاتصالات الدبلوماسية تارة أخرى.
وإذا ما اعتقد فقهاء القانون الدولي العام المعاصر، أن مصطلح الدبلوماسية ومفهومها من نتاج العلاقات الدولية بين الدول الأوروبية المسيحية، وخصوصاً منذ انعقاد مؤتمري وستفاليا عام 1648 وَ فيينا عام 1815م. غير أن هذا الفقه لم ينظر إلى تاريخ الحضارة العريقة التي أقيمت في الوطن العربي على مرّ العصور. ولم يلتفت الفقه الغربي إلى الدور الكبير الذي حققته الشريعة الإسلامية في إقامة علاقات دولية قائمة على المساواة والعدل والحقّ، ووضع قواعد دبلوماسية قائمة على الأخلاق والفضيلة والإنسانية.
وقد كانت لدبلوماسية النبي محمد صلى الله عليه وسلم الدور الكبير في نشر الدين الإسلامي والوقوف أمام الصعاب بحكمة ودبلوماسية بارعة، تجاوزت المعضلات القائمة كلها، السير أحكام الشرع الإسلامي بسرعة فائقة، والجمع بين الأضداد المتصارعة التي أثقلتها القرون السابقة.
وبالنظر إلى فائدة أية دراسة علمية لا بد من مقارنتها مع ما هو موجود فعلاً على سبيل التطبيق العلمي والعملي، ولهذا عنى الدكتور سهيل حسين الفتلاوي بوضع دراسته المقارنة هذه والتي هي بعنوان ",تاريخ العلاقات الدبلوماسية في الوطن العربي",، والتي يثبت فيها بالدليل الملموس، مدى البون الشاسع ما بين الدبلوماسية التي جاء بها الإسلام والقائمة على الأخلاق والفضيلة، والدبلوماسية الغربية القائمة على المراوغة والخداع والتضليل.
وبالتالي فإن الهدف من هذا الكتاب، هو تعريف المواطن العربي بتاريخ أمته العريق والذي أقيمت فيه أعرق الحضارات الإنسانية واستخدمت فيه أحدث الطرق الدبلوماسية لتسوية المنازعات الناشئة بين الدول التي سكنت الوطن العربي. كما يهدف إلى فهم واستيعاب الأسلوب الذي اتبعه الإسلام في نشر أحكامه وكيفية التعامل مع المشاكل والمصاعب التي كانت تعترضه، وحالات الشدة واللين التي استخدمت من أجل إيصال الرسالة إلى الناس كافة. لتكون لنا مناراً نهتدي به في العالم الدولي والإنساني.
هذا وقد وزع المؤلف موضوعات الكتاب على ثلاثة أبواب؛ تناول في الباب الأول: العلاقات الدبلوماسية في الوطن العربي قبل الإسلام. وخصص الباب الثاني: للحديث عن العلاقات الدبلوماسية في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. أما الباب الثالث: فأفرده للعلاقات الدبلوماسية في مراحل الدولة العربية الإسلامية. أقرأ أقل