وصف الكتاب
تنطلق هذه الدراسة من منطلق بسيط وواضح يقول إن الأصل في الاشياء هو الإباحة، وأن الحق في التجمع هو حق مباح وينبغي أن يتاح للجميع حق التجمع هو القاعدة وليس الاستثناء، وحيث أن الانسان مدني بالطبع، أو هو بالأصل كائن اجتماعي، فإن من حقه أن ينتمي الى جماعة من اختياره الحر يشاركها الاهتمام ويعطيها جزءاً من وقته و/أو ماله، ولا يوجد ما يمنع أن تتحقق له منفعة ما من ذلك العمل، طالما أنه لا يقوم بعمل يحظره القانون. فإذا كان تحقيق هذا الهدف أمراً متعذراً جراء وجود قوانين عديدة تحد منه، فيجب أن يكون هناك قانون واحد يضمن حق التجمع لجميع المواطنين ضمن أطر من اختيارهم. إن التنمية هي بأبسط التعابير وأدقها هي إتاحة المجال أمام البشر لتنويع خياراتهم. هذا التنويع حق في الحياة الاجتماعية من أندية وروابط عائلية وعشائرية ومدينية، وهو حق الحياة الاقتصادية على شكل نقابات وغرف صناعية وتجارية وتجمعات مهنية، ولن يكون المواطنون شركاء ولهم صوت مسموع لا ممنوع، إلا بوجود جمعيات وروابط منفعة متبادلة فيما بينهم.
لذلك يسعى هذا الكتاب الى الاجابة على عدة أسئلة هي: هل من المصلحة تضييق تعريف ومظلة المجتمع المدني، أم لا بد من توسيعها دائماً - هل من المصلحة تفتيت الوحدات المكونة لهذا المجتمع المدني، أم لا بد من دفعها نحو التكتل والتأثير؟ - هل من المصلحة ترك مؤسسات المجتمع المدني تعمل ضمن قواعد التجربة والخطأ، أم لا بد من ضبطها بقوانين واضحة؟ - هل من المصلحة أن يكون لكل مؤسسة مجتمع مدني قانون خاص بها بحيث تظل تندرج تحت مظلة الاستثناء بدل الإحتكام الى قانون عام واحد؟ - هل من المصلحة تنظيم تمويل معقول لمؤسسات المجتمع المدني؟ أم لا بد من إبقاء المال الذي قد تحصل عليه أية مؤسسة مالاً حراماً محرماً؟
كل هذه تتعلق بوجود أو عدم وجود قانون. وهذا أمر يثير الاستغراب اذ كيف يطرح هكذا سؤال، ولا يكاد يخلو مجتمع من أقل من عشرين قانوناً يختص كل واحد منها بمعالجة الأوضاع القانونية لأحزاب أو نقابات أو جمعيات أو روابط بما يعني ان هناك مئات من القوانين محلية ودولية تعالج هذا الشأن. إن الرد بسيط، وهو أنه لا يوجد بين هذه القوانين قانون موحد ",للمجتمع المدني",. مثل هذا القانون غائب في أدوات القانون الدولي، ولا يوجد في الدول العربية ولا في دول الجنوب ولا الشمال!!