لقد دعت الضرورة في عصرنا الحاضر إلى إعادة قرءات تجارب الدمج التي مرت بها كثير من البنوك، سواء محليًا، او إقليميًا، أو عالميًا... بما أن هناك دعوة تكاد تكون أكثر إلحاحًا للعادة قراءة جوانب رئيسية من تيار الدمج المصرفي الذي يحدث حاليًا، وإعادة تقيم واجبة، خاصة في ضوء فكر ما بعد الحداثة والدخول الي عصر العولمة الاجتياحية، وهي كعملية أكاد أراها أكثر من ضرورية، خاصة وأن هناك عمليات إعادة هيكلة واسعة النطاق تتم الآن... وكذلك في ظل ما تقوم به الآن الأجهزة المصرفية من عمليات تحديث، وما لحق بها من تطورات لافتة سواء في المناهج أو النظم أو الأفكار.. وما أدت إليه من عمليات تقويم، وتقييم وعن الطروحات الجديدة، في فكر وتطبيقات الاندماج المصرفي.

إن الاندماج المصرفي في نظريته ونظرته الجديدة، قد خرج من إطار البنيوية الهيكلية لاقتصاديات الحجم والنطاق والسعة، وانطلق إلى نطاق ما بعد الحداثة وفكر الطريق الثالث التي لا تزال نظرياته ونظرته مفتوحة، وإنجازاته باهرة وبازغة وناشئة... وفي الوقت ذاته تشير نظريات ما بعد الحداثة إلى بدء عصر جديد من الاندماجات القسرية، والاندماجات الطوعية... والواعدة بإنجازات باهرة متلاحقة، ما تطرحه من تيارات واتجاهات في دوائرها الأولى قضايا العولمة، وحتميات وضرورة التعولم، ومدى القدرة على توفير أساسيات التواجد الفاعل في عالم الغد، وكذا استخدام أدوات ومناهج التفعيل والمفاعلة المصرفية لصنع هذا الغد...
فالبنوك والمصارف تتخذ من الدمج المصرفي في علاج لاختلالات ومشاكل وأوضاع قائمة، وترياق تحوطي واحترازي لتحديات قادمة، وهو ما سيتم العرض له بإيجاز في المباحث التالية.