وصف الكتاب
يعد الاستثمار الأجنبي من أهم أوجه النشاط التجاري في الواقع المعاصر، إذ إنه يضطلع بالضرورة بدور خطير على صعيد عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دولة ما، ذلك لكونه قناة رئيسية يتدفق عبرها رأس المال والخبرة العلمية والفنية. لذلك تنظم الدول والمجتمع الدولي معاملة الاستثمار المذكور وتقرير الضمانات له من واقع أنه يرتبط بحركة تداول رؤوس الأموال واستغلالها داخلياً وخارجياً.
والاستثمار الأجنبي بعد هذا حاجة ملحة للاقتصاديات النامية والمتقدمة لا فرق بينهما. إذ إن حاجة الاقتصاديات النامية لرأس المال والخبرة الفنية تقابلها حاجة الاقتصاديات المتقدمة إلى أسواق تستثمر فيها رؤوس الأموال الفائضة لديها. بيد أن إشباع هذه الحاجة لا يمكن أن يتحقق من دون إيجاد بيئة ملائمة للاستثمار المذكور، بحيث يمارس النشاط فيها بعيداً عن الخشية والتردد. ويقتضي توفير هذه البيئة ابتداءً تحييد المعوقات التي يمكن أن تؤدي إلى تحجيم الاستثمار وانكماشه، بهدف إزالتها أو ا لتخفيف من حدتها. ثم البحث في الضمانات القانونية والاقتصادية اللازمة لتشغيل الاستثمار.
وتحاول هذه الدراسة تحقيق الهدف المتقدم، من خلال تحليل المعوقات المختلفة التي تمنع أو تعرقل انسياب رأس المال الخارجي إلى الدولة، والبحث عن الضمانات الكفيلة بتوفير الأمان القانوني للاستثمار الوافد، بحيث تستند على عوامل التوازن بين المصالح التجارية المتعارضة، بموضوعية وحيادية من دون المساس بالحقوق المشروعة للأطراف المتعاقدة: الدولة المستقطبة لرأس المال الأجنبية، والمستثمر.
وبغية الإحاطة بجميع أبعاد الموضوع، فقد تم الرجوع إلى العديد من القوانين المقارنة العربية والأجنبية، كقانون ",ضمانات وحوافز الاستثمار", لسنة 1997 في مصر، ونظام الاستثمار الأجنبي لسنة 2000 في السعودية، وقانون الاستثمار لسنة 1991 في اليمن، وقانون تشجيع الاستثمار لسنة 1995 في الأردن، وقانون تشجيع الاستثمار لسنة 1991 في سوريا، وقانون تشجيع الاستثمار لسنة 1999 في السودان، وقانون استثمار رأس المال الأجنبي لسنة 2000 في قطر. إضافة إلى الاتفاقيات الدولية والعربية والقوانين الغربية كالقانون الفرنسي والقانون الإنكليزي والقانون الأمريكي، كي يمكن بالتالي الخروج بأفضل الحلول اللازمة للضمانات الاستثمارية واستقطاب رؤوس الأموال وفق قواعد قانونية تحقق التوازن المطلوب بين الحقوق والالتزامات لأطراف العلاقة بعيداً عن التجاوز أو الاستغلال لهذا الطرف أو ذاك.
وبناء على ما تقدم فقد تم تقسيم هذه الدراسة، بحسب منهج علمي وصفي وتحليلي في آن واحد، إلى أربعة فصول تسبقها مقدمة عامة. حيث أنصبت على ما يلي: أولاً: تحليل ظاهرة الاستثمار الأجنبي من حيث المفهوم القانوني والاقتصادي. ثانياً: دراسة نشوء وتطور ظاهرة الاستثمار الأجنبي. ثانياً: دور الاستثمار الأجنبي في تنمية تجارة واقتصاديات الدول المختلفة. إذ يؤدي هذا الاستثمار، إذا ما أحسن استخدامه وتنظيمه قانونياً، دوراً كبيراً في تنمية اقتصاد الدولة التي يزاول النشاط فيها.