وصف الكتاب
إن الأفكار البناءة المنتجة في أي أمة من الأمم هي أعظم ثروة تنالها في حياتها، وأعظم هبة يستلمها الجيل من سلفه إذا كانت الأمة عريقة في الفكر المستنير.
فبناء العقول المبتكرة، والمفكرة، والمبدعة التي تأخذ بيد مجتمعاتها إلى الثورة، والتقدم التكنولوجي، والعلمي، والإنتاج هو من أساسات ما تصبو إليه الدول والمجتمعات التي تهدف إلى الرقي، والتقدم.
فالبحث العلمي يعد من أهم أساليب التنمية، والتطور التكنولوجي، والذي يمكن استثماره في مجالات الإنتاج المختلفة، ويعد التفكير المنفعة الذاتية للفرد نفسه، أي نحرص على تعليم وتزويد الأفراد بمهارات التفكير الجيد، والمنفعة الاجتماعية العامة حيث باكتساب أفراد المجتمع مهارات التفكير الجيد يستطيعون حل مشاكل مجتمعهم والمشاكل الاجتماعية، وهو الصحة النفسية، أي أن الراحة النفسية تنبع من التفكير السليم، فالمفكرون لديهم القدرة على التكيف مع الأحداث والتغيرات، كما أن إتقان الفرد للتفكير الجيد، واكتساب القدرة على التحليل والتقويم والنقد يجعله ملماً لكي لا يتأثر بأفكار الآخرين، وعن طريق التفكير يمكن إعداد الإنسان لكي يكون قادراً على مواجهة ظروف الحياة العملية التي تتشابك فيها المصالح، وتزداد فيها مطالب الحياة. ونؤكد حاجة الطلبة للتفكير بكفاءة، وذلك ليستطيعوا التصرف بمسؤولية وفعالية تجاه المواقف، وعلى حاجة المجتمعات الصناعية المعاصرة الى تأهيل أبنائها في القدرة على التفكير أثناء المنهاج حتى يتمكنوا من إتقان أعمالهم، أي عندما يكتسب الطالب مهارة التفكير فإنه يصبح قادراً على تحقيق المنفعة الذاتية، والاجتماعية، وامتلاك أساليب التحليل، والنقد، والاستدلال، والاستنتاج، وذلك بالاستناد إلى دليل علمي، أو واقعي، ولذلك أصبح اهتمام التربية المعاصرة بتدريب الطلاب على التفكير السليم، وإعدادهم للتعامل، والاحتكاك بالحياة بطريقة سليمة.
ويتفق معظم الناس على أن التعليم من أجل التفكير أو تعليم مهارات التفكير هدف مهم للتربية، وأن المدارس يجب أن تفعل كل ما تستطيع من أجل توفير فرص التفكير لطلبتها، وأن المدرسين يريدون لطلبتهم التقدم والنجاح، وأن كثيرين منهم يعتبرون مهمة تطوير قدرة كل طالب على التفكير هدفاً تربوياً يضعونه في مقدمة أولوياتهم، وعند صياغتهم لأهدافهم التعليمية تجدهم يعبرون عن آمالهم وتوقعاتهم في تنمية استعدادات طلبتهم كي يصبحوا قادرين على التعامل بفاعلية مع مشكلات الحياة المعقدة حاضراً ومستقبلاً. ولكن الفرق بين ما نقول أننا نريد تحقيقه في تعليمنا وبين النتاجات الفعلية لهذا التعليم كما تعكسها خبرات طلبتنا في مختلف المراحل الدراسية كبير للغاية. وتشير البيانات والوقائع إلى أننا نخرج أعداداً هائلة من الطلبة الذي تتجلى خبراتهم بصورة أساسية في تذكر واستدعاء المعلومات، بينما يفتقرون بشكل ملحوظ الى القدرة على استخدام تلك المعلومات في التواصل إلى اختيارات أو بدائل أو قرارات مستنيرة. إن التصلب في الرأي حتى لو كان الرأي خاطئاً أو واهناً لا تستند الى حجة أو منطق. والإلحاح على إعطاء إجابات سهلة لأسئلة معقدة، والسعي وراء حالة اليقين والإجابة القاطعة، والعجز عن التعامل مع مشكلات جديدة، هي في واقع الأمر نتاجات نظام تربوي لا يوفر خبرات كافية في التفكير.
وإن التنافس بين الأمم والشعوب في الحاضر والمستقبل محكوم بما تنتجه من معارف وتقنيات في الميادين المختلفة للحياة الإنسانية، حتى أن بعض الخبراء يرون عالم اللامعقول الذي نعيشه ترسمه وتحدد معالمه المجتمعات والعقول المفكرة والمبدعة، ومن المؤكد أن هذه المجتمعات وتلك العقول تضع في قمة ألولياتها تطوير العناصر الفكرية والإبداعية لدى أبنائها إلى أقصى درجة ممكنة عن طريق تدريس التفكير بأنواعه المختلفة بكل الوسائل اللازمة.
وعليه، يقع هذا الكتاب ",في التفكير وأنماطه", في أربعة فصول وفق ما يلي: الفصل الأول: ",التفكير الإستدلالي",، الفصل الثاني: ",التفكير الإبداعي",، الفصل الثالث: ",التفكير البصري",، الفصل الرابع: ",التفكير المنظومي",.