وصف الكتاب
يتألف من علم النفس لدى ابن سينا بناء رائع جداً متين جداً، فيبدو جديداً وفق الترتيب المتبع في هذا المؤلف. ومعنى ذلك أنه لا يلقى تاماً بجميع مميزاته الجوهرية عند أيٍّ من المؤلفين قبل ابن سينا ما دامت آثار الفارابي غير معلومة بما فيه الكفاية. يشتمل علم النفس عنه ابن سينا على دراسة النفس ودراسة العقل، على دراسة هذين العنصرين اللذين لا نحسن التفريق بينهما. ولكن مع أنهما كانا في هذا الدور من التعليم السِّكُلاَسيّ يقدمان فرقاً واضحاً وضوح الفرق بين الجنس والنوع، والنفس، إجمالاً، أول ما تكون مجموعة من الخصائص أو القوى المضافة إلى الجسم الماديّ الذي يكمل بها ويصير فعّالاً، قال ابن سينا: ",النفس كمال أول لجسم طبيعي",. وقبل ذلك قال ابن سينا: ",إن جميع الأفعال النباتية والحيوانية والإنسانية تكون من قوىً زائدة على الجسمية وعلى طبيعية المزاج",. وإن شئت فقل إن جميع الأجسام الحية تصدر عن خصائص، ومما يدرك مقدار ما تجعل به هذه القضية من إتصال وثيق بين مبدأ القوة اللاهوتي، ومبدأ الخاصية النفساني، ويخرج الفعل من القوة اللاهوتية على العموم، وذلك كما تخرج أفعال الأجسام من قوى النفس، فيوجد إنسجام تام، يكاد يكون ذاتياً، بين المبدأين، وفضلاً عن ذلك فإنه لا يوجد في العربية غير كلمة واحدة للتعبير عن المبدأين، وهي كلمة ",القوة",.
وللنفس النباتية قوى ثلاث عند ابن سينا: ",القوة الفاذِيَة والقوة المُنْحية والقوة الموَلّدة، قال ابن سينا: ",القوة الفاذِيَة، وهي القوة التي تحيل جسماً آخر إلى مشاكلة الجسم الذي هي فيه فتلصقه به بدل ما يتحلل عنه. والقوة المُنْحيَة؛ وهي قوّة تزيد في الجسم الذي هي فيه بالجسم المُتشَبه في أقطاره طولاً وعرضاً وعمقاً متناسبة للقدر الواجب لتبلغ به كمال في النشوء. والقوة المولِّدة، وهي القوة التي تأخذ من الجسم الذي هي فيه جزءاً هو شبيه له بالقوة فتفعل فيه بإستمداد أجسام أخرى تتشبه به من التخلق والتخريج ما يصير شبيها بالفعل",.
وبالانتقال إلى ما جاء مجملاً عند ابن سينا في النفس بصوة خاصة نجد أنه تحدث وتحت عنوان في الطبيعات وضمن مقالات خمسة عن المواضيع الآتية: المقالة الأولى من علم النفس 1-إثبات النفس وتحديدها، 2-أقوال القدماء في النفس ونقضها، 3-النفس داخلة في مقولة الجوهر، 4-تبين أن اختلاف أفاعيل النفس لإختلاف قواها، 5-تعديد قوى النفس على سبيل التصنيف.
المقالة الثانية من علم النفس: 1-القوى المنسوبة إلى النفس النباتية، 2-أصناف الإدراكات التي لنا، 3-الحاسة اللمسية، 4-الذوق والشم، 5-حاسة السمع.
المقالة الثالثة: 1- الضوء والشفيق واللون، 2-مذاهب وشكوك في أمور النور، 3-مناقضة مذاهب في النور، 4-مذاهب في الألوان وحدوثها 5-اختلاف المذاهب في الرؤية، 6-إبطال مذاهبهم من الأشياء المقولة فيها، 7-إتمام القول في المبصرات، 8-مسبب رؤية الشيء الواحد كشيئين.
المقالة الرابعة: في الحواس الباطنة: 1-الحواس الباطنة للحيوان، 2-النوم واليقظة والرؤيا والنبوة 3-أفعال القوى المُتذكرة والوهمية، 4-أحوال القوى المحركة والنبوة المتعلقة بها.
المقالة الخامسة في علم النفس: 1-خواص أفعال الإنسان وإنفعالاته، 2-قوم النفس الناطقة غير منطبع في مادة جسمانية، 3-إنتفاع النفس الإنسانية بالحواس وإثبات حدوثها، 4-الأنفس الإنسانية لا تفسد ولا تتناسخ، 5-العقل الفعّال والعقل المتفعل، 6-مراتب أفعال العقل والعقل القدسي، 7-مذاهب القدماء في النفس 8- آلات النفس.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب هو الثالث الصادر في سلسلة مكتبة ابن سينا. الكتاب الأول: مبحث عن القوى النفسية أو كتاب في النفس على سنة الإختصار ويليه رسالتا الطير وأسباب حدوث الحروف للشيخ ابن سينا. الكتاب الثاني: أحوال النفس، ورسالة في النفس وبقائها ومعادها للشيخ ابن سينا.