إن موضوع حماية حقوق الإنسان من تعسف أنظمة الحكم، أصبح المعيار الأساسي لكشف صدقية الالتزام بالقوانين والإعلانات الدولية والمواثيق العالمية، كما أصبحت هذه القضية تولى عناية أكبر، بعد التيقن من أن آثار التمييز لا تقتصر على جيل واحد، حتى لو تم علاج الأمر بشتى الطرق، لأن الحقد الدفين والمعاناة المرة من قبل الأغلبية أو السلطات السياسية، ليس من السهل التخلص منهما، وتتأتى أهمية دراستنا هذه انطلاقاً من حقيقة أننا، إذا ما أمعنا النظر في كتب السوسيولوجيا (علم الاجتماع) نجد أن آية دراسة لعناوين خاصة، مثل (أقليات) أو (مجموعات اثنولوجية)، تسبقها عادة، إضافة لكلمة (مشكلة) أو (مسألة)، وبالتأكيد، فإن ذلك لم يأت اعتباطاً، بل له ما يبرره، هذا ما سنحاول دراسته من خلال قراءة الوضع القانوني الذي تعيشه الأقليات في خضم المفاهيم الجديدة السائدة في المجتمع الدولي.

وفي ضوء ما تقدم نقسم الموضوع إلى أربعة فصول نتناول في الفصل الأول (تأصيل الأقليات والمجتمع التعددي، ونتطرق في المبحث الأول منه إلى الإطار التاريخي لنشأة الأقليات القومية، وفي أربعة مطالب، وفي المبحث الثاني، نتناول ماهية المجتمع التعددي، الذي نعرض من خلاله، مفهوم المجتمع التعددي، وكيفية تكوينه، إضافة إلى عوامل الاندماج والتكامل فيه.
أما الفصل الثاني فقد عالجنا فيه، المفاهيم ذات العلاقة بالأقليات القومية - وتطورها التاريخي والراهن، وذلك من خلال المبحث الأول الذي تطرقنا فيه إلى تحديد مفهوم الأقلية القومية، من خلال أربعة مطالب، بحثنا فيها، تعريف الأثنية، العرق، القومية، وكذلك الأقلية القومية، وقد تضمن المطلب الأخير هذا، بيانا للاتجاهات والمعايير التي تحدد المقصود بالأقلية ولأنواع الأقليات، وكذلك تمييزاً للأقلية عما قد يشتبه بها أو يتقارب معها من مصطلحات، وقد عالجنا في المبحث الثاني، ومن خلال مطلبين، مبدأ القوميات ومبدأ حق تقرير المصير.
أما الفصل الثالث ففيه جوهر الموضوع، إذ يعالج حماية حقوق الأقليات، في إطار المواثيق والإعلانات والاتفاقيات الدولية، وذلك أيضاً من خلال أربعة مباحث، يختص الأول منها، بالخلفية التاريخية لهذه الحماية، والثاني، بمدى الحماية التي تمثلت بالمواثيق الدولية، والثالث يدرس هذه الحماية من خلال عرضه للاتفاقيات الدولية التي اهتمت بهذا الموضوع، وأما الرابع فقد خصصناه لتقييم مدى فاعلية هذه الطرق للحماية.
أما الفصل الرابع والأخير من هذه الدراسة، فقد اختص ببيان دور الديمقراطية في حماية حقوق الأقليات وجاء فيه ثلاث مباحث، وأما الخاتمة فقد خصصناها لإبراز أفضل ما يمكن طرحه من حلول.