لا
يخفى على العارف مدى أهمية السؤال، فهو أداة نموذجية في كلّ معرفة؛ صحيحة أو
إنسانيّة، وهو، لا شكّ، خطوة محوريّة في انتقالات هذه المعارف وفي تطوير مساراتها،
إذ تساعد الأسئلة على تثوير نوع من القلق
السعيد الذي يخلق بدوره نمطا من الحركة التي تشكّل الجانب المختلف في المرء من حيث
وجوده في هذا العالم، فالإنسان في التحليل الأخير، حيوان متسائل؛ وإنّ إمكانية
السؤال لديه هي الحدّ الأعلى في فصله وتمييزه عن ما تبقى من الموجودات. وأهمّ
الأسئلة هو ذلك السؤال الذي لا يكتفي بجواب من الأجوبة، إنّما يتجاوز الجواب نحو
سؤال آخر، فعلى مستوى الشعر مثلا؛ فإنّ الشاعر العظيم هو الذي يواصل طرح الأسئلة
في نصوصه معوّلا على السؤال في خلق مستقبله الشعري.