وصف الكتاب
هذا كتاب في تاريخ المماليك، عرض فيه لقيام دولة المماليك الأولى في مصر والشام، والدراسة التاريخية لمثل هذا الموضوع تحتاج إلى النظرة الشاملة التي تستوعب التيارات والحركات منذ نشأتها إلى وقت نضجها واستقامة عودها وتأثيرها في مجريات الحوادث. واقتضى ذلك معالجة أصل استخدام المماليك في الدولة الإسلامية عامة في الباب الأول، مما تطلب شيئاً من الإفاضة في الرق وأسبابه، وأشهر أنواع الرقيق، ومراكز جلبهم وما يتصل بذلك من الكلام عن صفاتهم وأحوالهم التي مهدت للأتراك والصقالبة منهم سبيل النقلة من الخدمة في القصور إلى الخدمة في وظائف الدولة وقيادة الجيوش.
ومن ثم تطرق الموضوع إلى الدور الخطير الذي لعبه المماليك الأتراك في الحركات الاستقلالية التي قامت في شرق الخلافة العباسية والدويلات التي أقاموها هناك مثل الدولة الغزنوية والدولة الخوارزمية ودولة سلاطين المماليك في الهند. وما يقال عن الترك في المشرق، يقال أيضاً عن الصقالبة في المغرب والأندلس وما قاموا به من أعمال هامة في ميادين العلم والسياسة والحرب منذ القرن الثالث حتى أواسط القرن الخامس الهجري.
وفي الباب الثاني، أفرد الكلام عن مماليك مصر الإسلامية قبل قيام دولتهم بها أي حتى نهاية العصر الأيوبي. فتم تتبع نفوذهم أيام الطولونيين والأشيديين والفاطميين، ثم تم التكلم عن مماليك الدولة الأيوبية ثم وقف قليلاً قليلاً عند لفظ ",بحرية", الذي سميت به فرقة المماليك الصالحية التي كونها الملك الصالح نجم الدين أيوب، فشرح أصل هذا اللفظ ومدلوله.
وشرح في الباب الثالث العقبات والصعاب التي اعترضت قيام الدولة المملوكية الناشئة، والوسائل التي تغلب بها السلطان ليبك التركماني على تلك الصعاب مما كان له الأثر البالغ في تدعيم أركان تلك الدولة. وفي الباب الرابع تلكم في الخطر المغولي على مصر بعد اجتياحهم الأراضي الإسلامية الأخرى، واتخذت وقعة عين جالوت مادة لبيان ما لتلك الوقعة من أهمية في تدعيم دولة المماليك، وجعلت أقوال المؤرخين المعاصرين وشهود العيان تفصح عما كان لهزيمة المغول على يد السلطان قطر من اثر قوي في تقوية الدولة المملوكية داخلياً وخارجياً في آن واحد.
وفصلت الحديث في الباب الخامس في الدعائم الأخرى التي يرجع الفضل فيها للسلطان الظاهر بيبرس البندقدادي، وهي الدعائم التي وطدت أركان الدولة المملوكية نهائياً، ومثال ذلك: إحياء الخلافة العباسية في القاهرة، والعناية بالجيش والأسطول، وتحصين الثغور وأطراف الدولة ثم الجهاد ضد الصليبيين والمغول، وختم الكتاب عند نهاية عهد هذا السلطان.