إن مسألة الخلافة الإسلامية شغلت بال الكثيرين ممن يسعون إلى الإصلاح في العصور المتأخرة، وبرغم الكتابات المتعددة في هذا الشأن، إلا أن نصيب الاستدلال بالنصوص الشرعية من كتاب، وسنة صحيحة، في ضوء فهم السلف كان ضئيلا ؛ ولذلك غلب على أكثر هذه الكتابات الحماسة والعاطفة المتحررة، من الضوابط الشرعية، بل جاء كثير منها ينزع إلى مذاهب بدعية، مناوئة لمنهج أهل السنة والجماعة.

ونحن في هذه الوريقات لن نناقش الأمر من جميع جوانبه، بل ما يهمنا في هذا المقام تسليط الضوء على أمر مهم، وهو:
استغلال بعض الجماعات التي أُنشئت إثر إلغاء الخلافة العثمانية على يد العميل «كمال أتاتورك» -قبَّحه الله- أعظم الاستغلال للوصول إلى السلطة -ليس السلطة المحلية في بلد المنشأ-؛ بل السلطة العامة على جميع دول الإسلام- وأعني بذلك جماعة الإخوان التي أسسها حسن البنا سنة 1928م، بعد إلغاء الخلافة بأربع سنوات.

والذي قال عنه وعن دعوته العلامة -بقية السلف- أحمد محمد شاكر :: «حسن البنا وإخوانه الذين حوَّلوا الدعوة الإسلامية إلى دعوة إجرامية هدامة، ينفق عليها الشيوعيون واليهود كما نعلم ذلك علم اليقين»

ومنذ إنشاء جماعة الإخوان وهي تتبنى السعي لإقامة الخلافة -المرفوعة بإذن الله القدري- والتي بنوا على ضياعها ورفعها ضياع جماعة المسلمين وإمامهم- وأصبحت الجماعة هي جماعة الإخوان، والإمامة للمرشد العام للجماعة الذي تُقدم له البيعة -بيعة الخليفة العام- على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره... إلخ.

ثم نشأت بعد ذلك جماعات كثيرة منبثقة من الجماعة الأم -أعني: جماعة الإخوان- وكل هذه الجماعات وإن تعددت أشكالها وأسماؤها، إلا أنها تجتمع على هذه الضلالة الكبرى: غياب جماعة المسلمين، وإمامهم، والنظر إلى الإمارات الإسلامية والدول الإسلامية، على أنها تجمعات لمجموعات من المسلمين (إن نجوا من الحكم العام عليهم بالتكفير كما فعل سيد قطب -عامله الله بما يستحق-) ليس لهم إمام شرعي ولا سلطة شرعية، ثم تبلور هذا الفكر فيما سمي أخيرًا بـ: شُغُور الزمان عن الإمام.