الخط العربي بحروفه وأشكاله وتداخلاته وتحاوراته مادة دسمة للإبداع والإمتاع، ولقد أعمل الفنانون أقلامهم وفرشاتهم في لوحات الخط العربي فأبرزوا مفاتنه، حتى رآه الجميع - عرب وعجم - جذاباً براقاً متلألئاً يفيض بالروعة والإبهار.

واستطاع الخط العربي أن يتميز على سائر خطوط اللغات الأخرى بقدرته التعبيرية إلى جانب كفاءته الفنية! فالفنان المبدع استلهم من روح الخط العربي لوحات معبرة عن المعنى المكتوب وأظهر فيها إيحاءات وتلميحات تدل على ما جاء باللوحة من كلمات وعبارات...

ومع مرور الزمن تتزايد المنظومات الجمالية للخط وذلك مع الظهور المتوالي للمواهب في قافلة الخطاطين العرب الذين أثروا المكتبة العربية بمخطوطاتهم ولوحاتهم الفنية، وأمتعوا الأجيال المتعاقبة بكتاباتهم المزخرفة على الحوائط والجدران في المتاحف الأثرية، والمساجد المنتشرة في شتى بقاع الأرض.

ولم يقف المتأملون لهذا الفن البديع مع الباحثين والدارسين موقفاً سلبيّاً، بل صالوا وجالوا وتغلغلوا في أعماقه، يحاولون الوصول إلى بعض أسراره، والوقوف على آخر تطوراته وأخباره، وقدموا لنا العديد من الكتب والمقالات التي يسعى الجميع لتدارسها والإلمام بمحتواها ومضمونها.

ونحن نقدم هذا الكتاب في الخط العربي للفنان (أحمد عبد الفتاح البشلي) الذي أكسبته دراساته العلمية وموهبته الفنية وميوله الدينية وتأثره بالمعنى الذي تنطوي عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية رؤية عميقة متبحرة لتشكيلات وتركيبات هذا الخط المعطاء.

فوضع هذه الدراسة التحليلية الفنية التعليمية مدعمة بالنماذج الخطية التي ابتكرها لهذا الغرض.

وهو بحث مهم يستفيد منه كبار الخطاطين، بجانب كونه منهج تعليمي للمبتدئين، يكون جيلاً جديداً محبّاً ومتذوقاً للخط العربي، ويفتح الباب لكل الخطاطين للكشف عن الجوانب المتعددة لآفاقه الجمالية.