يعد فن الخط العربي معلماً بارزاً في مسيرة الفن العربي الإسلامي، فقد صجب هذا الفن الحضارة العربية الإسلامية، وتطور مع تطورها ونشأت حروفه نشأة فنية إبداعية وجمالية... جنباً إلى جنب مع وظيفتها البيانية (اللغوية).

ومنذ أن أخذ العرب خطهم عن الخط النبطي المتأخر بأشكاله البدائية التي ظهرت من خلال النقوش الأثرية التي اكتشفها المستشرقون، إذ كان نقش اكتشف هو نقش موقع أم الجمال (شمال الأردن) وأرخه ليتمان بسنة (250م) تقريباً، كانت ولادة الخط العربي الذي تحسنت أشكاله وأنواعه المختلفة في شتى المدن العربية والإسلامية، حتى أصبح عددها يقرب من مائة شكل ونوع.

فالخط العربي يحتل مكانة بارزة، مميزة، إذ هو الفن الإبداعي والراقي الذي يزين الحضارة العربية الإسلامية وثقافتها، بشكل خاص، فكان مستقلاً بذاته مرة ومندمجاً بالرقش مرة أخرى.

وتتجلى نماذجه الرائعة في شتى مناحي الحياة المختلفة، وقد صممت في قوالب فنية بديعة فيها من الإبداع ما يبين بوضوح روعة وجكال فن الخط العربي، حيث بهر الأوروبيون برونقه وتميز تكويناته وعناصره الجمالية وبالحرية التعبيرية التشكيلية التي تتاح للمصمم، وإن أشكال الحروف وقابليتها الابتكارية في التصميم قد أوحت لكثير من الفنانين والمصممين الأوروبيين بكثير من الوحدات التشكيلية الحديثة وخاصة في الزخرفة التي استخدموها في نتاجاتهم الفنية.

هذا ما يؤكد أن فن الخط العربي بعناصره ومفرداته الفنية والتصميمة، له دور جمالي، يرتبط بوضع هذه العناصر على سطح التصميم الخطي وعلاقاتها المتبادلة بما يجاورها من عناصر، تحققه مختلف القيم الخطية، والتي نعني فيها العناصر التشكيلية في بناء التصميم الخطي، وقيم الإيقاع والاتزان، والوحدة، والتناسب التي تنتج عن تنظيم العلاقات الخطية على مسطح العمل الخطي، وهي تظهر متضافرة ومتحدة في كل ممارسات فن الخط العربي.

ويتمثل الهدف الجمالي الرئيسي الذي يحاول الخطاط تحقيقه في صورة تعكس الغرض الجمالي والوظيفي من العمل الخطي المصمم، حيث يرتبط بفردية الخطاط التعبيرية، وتتعدد الصور والأساليب التي تحقق هذه الأسس التصميمة لفن الخط العربي. بحيث أن لكل منها كيفيات خاصة تتطلب من الخطاط مراعاتها بالصورة التي توصل الرسالة الفكرية والجمالية التي يؤديها العمل الخطي.

وهدف هذا الكتاب ليس عرضاً تاريخياً للخط العربي، أو عرضاً لقواعد فنية وأسس تؤدي بمن يتبعها إلى أن يكون خطاطاً ممتازاً، بل هو دراسة تتجه نحو إيجاد عناصر تصميمية وتشكيلية لفن الخط العربي، على كل خطاط وفنان متخصص في مجال تصميم الحروف أن يدركها في عمله الفني لمحاولة الوصول للأسس الموضوعية التي يقوم عليها فن الخط العربي في عملية التصميم.