وصف الكتاب
وصف الكتاب
نقد العمارة هو بحث يتناول الأثر العميق للفن والعمارة في العالم، الشكوك المثارة حول شرعيته كون العمارة فناً، دور النقد في إحداث التغيير، النظرة السائدة إلى الناقد بوصفه شخصية شريرة أو تافهة، الوحدة الهنيئة للفن حتى تحل عليه لعنة ما، لغات الفن المختلفة المتنوعة، وغيرها من القضايا التي هي مدار هذا البحث بوصفها جوانب متنوعة للتفاعل ما بين المفاهيم الرئيسية الثلاث: ",النقد",، ",العمارة",، و",الفن", التي ينصب عليها هذا البحث بدءاً بعنوانه.
تضمنت الأدبيات الممسوحة لأغراض هذا البحث أهم الكتابات حول نظرية العمارة، الأدب، الفن عموماً وبعض الفنون بالذات، وكذلك نقدها، فضلاً عن فلسفة الفن والجماليات (الأستطقيا)، وذلك عبر حوالي أربعة وعشريقن قرناً من الفكر البشري المسجل والموثق، أي منذ (أفلاطون) حتى وقد إعداد هذا البحث.
وبطبيعة الحال، فإن مثل هذا المسح الموسع يمثل مشكلة صعبة لأنه ليس من الممكن هنا، في هذا السياق تقديم عرض مفصل بما فيه الكفاية لأية حصيلة من المعلومات بهذا الكم الهائل، وبهذه الدرجة من التعقيد والتشعب، إلا أنه استيعض عن مثل هذا العرض هنا معروض إجمالية متخصصة موجزة في مواقع متنوعة تتحلل البحث كما تقتضيه الحاجة، وأدلها العرض المقارن المقدم لغرض إستعراض ما يقدمه هذا البحث مما لم يتوفر في البحوث والدراسات والأدبيات السابقة.
لقد تبين من مسح الأدبيات المتوافرة أنه على الرغم من وجود كمّ هائل من المصادر حول كل من النقد، العمارة، الفن، والفنون، والعلاقات فيما بينها، فإنه لا يزال من المستحيل الخروج بأي تعريف قاطع، نهائي، أو حاسم لأي شيء.
وعليه، فإن الباحث يجد نفسه أمام معضلة متعددة الجوانب، أما هذا البحث، فإنه يقدم، أولاً، حلاً لمعضلة الوضع النظري القائم بتقديمه تفسيراً لهذه الوضعية، ومن ثم تقديم نظرية بديلة، وبدلاً من الإطاحة بالنظريات والأفكار المطروحة سابقاً، فإن هذا البحث يحاول تقديم نظرية تكامل بينها كلها معاً في نظرة واحدة، ومن ناحية، فإن مفاهيم ",النقد",، ",العمارة",، و",الفن", عادة ما كانت تبحث مثنىً مثنى في كل مرة مع تحييد المفهوم الثالث وإعتباره مسلماً به.
أما هنا، وخلافاً لتلك الأدبيات، فإن هذا البحث لا يسلم بشيء دون بحثه، وبالتالي فهو يناقش العلاقات بين هذه المفاهيم الثلاثة من وجهة نظر كليّة وشمولية قدر الإمكان، وذلك بدءاً بجذور كل من هذه المفاهيم، وإنتهاء بالعلاقات المتبادلة فيما بينها من حيث النظرية، والممارسة، ثم أنه يبدو من مسح الأدبيات أن مصادر نقد العمارة تهتم إلى حدّ كبير بموضوعات هذا النقد، أساليبه التعبيرية، جمهوره، أغراضه... إلخ، ولكن ليس بـ",جوهره",، في حين أن هذا البحث يصب إهتمامه أولاً على جوهر نقد العمارة، ومن ثم بتضميناته الخارجية.
بالإضافة إلى ذلك، فإنه وفصلاً عن محاولات الإسهام في تفسير بعض الغموض الذي يكتنف النظرية والفكر الحاليين، فإن هذا البحث يحاول تصحيح بعض النظرات والمواقف الخاطئة الملحوظة في بعض الأدبيات وفي مجال الممارسة المهنية، من بين هذه المواقف تعصب الفنانين ضد النقاد، إذ يحاول البحث الكشف عن الأساس الخاطئ لهذا التعصب وسوء الفهم الذي بني عليه، وذلك ببيان المسؤولية الجسيمة للنقد ودوره الحتمي في تطوير نظرية الفن وممارسته.
وأخيراً، فإن هذا البحث ونظراً لكونه بحثاً في الفن فإنه، بطبيعة الحال، يتبع منهج البحث المادراني، وكما هو الحال مع أي بحث أكاديمي، فقد جمعت البيانات المتعلقة، بمعضلة البحث، ودرست، ثم استعرضت المكتشفات ونوقشت، ومن ثم طرحت النتائج بصيغة فرضيات، دققت للتأكد ثباتها، توافقها، وإمكانية تطبيقها.
وقد جرى هذا مع كل من المعضلات الثانوية، وبعد حل المعضلات الثانوية المطروحة وتوفير الإجابة لكل الأسئلة، تكون معضلة البحث الرئيسية وقد حلّت، عند ذاك، تم جمع الإستنتاجات والفرضيات الخاصة بالمعضلات الثانوية في إستنتاج واحد عام تمثل بالنظرية المطروحة في النهاية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا البحث كان بمثابة أطروحة جامعية قدمتها الباحثة لنيل درجة دكتوراه الفلسفة في هندسة العمارة.