وصف الكتاب
دراسات ورؤى نقدية بعيون مصرية
بقلم
د. مصطفى الخطيب
د. ياسر جابر الجمَّال
د. أمل درويش
د. داليا بدوي
د. حسام عقل
د . عايدى على جمعة
حسن الجوخ
أحمد محمد الشريف
سامح سكرمة
شيماء أحمد رُميح
أمـــــل ســـــالم
كلمة الكتاب
الروائي والباحث والناقد الكبير
عمار علي حسن
ذات مساء ليس بالبعيد، وفي صالون الدكتور ",عبد الناصر هلال", همس في أذني أحد الجالسين بعد أن رآني أصافح رجلا يبدأ عقده الثامن على مهل: من هذا؟
نظرت إليه متعجبا، وسألته: ألا تعرفه؟
هز رأسه بالنفي، فأدركت وقتها كم يهمل مثقفون منا في حق مبدعين كبار، دفعتهم ظروف وصروف، إلى الابتعاد، وهم يسعون وراء أرزاقهم الشحيحة في بلاد الناس، دون أن يتوقف عطاؤهم، وينقطع إبداعهم، ويركنون إلى وظائف عابرة، ومناصب زائلة، ومهام، على أهميتها، لا تشبع ذائقتهم. كان الرجل هو الأستاذ السيد حافظ، الذي لا يجهل قامته وقيمته، إلا من ينجذب إلى العابر والذائع وذي الجلبة، ولا يكلف نفسه عناء قراءة كتب من لم يلتقيهم، أو تربطه بهم علاقة وجه لوجه. قلت لمحدثي، يمكنك أن تضغط على زر هاتفك، وتكتب اسمه على محرك البحث ",جوجل",، وستظهر لك سيرة ذاتية عامرة، ومدونة تحوي نبذات عن مختلف ما كتب، وما كُتب عنه، أغلبه ليس بأيدينا نحن المصريين، فالرجل يعرفه غيرنا، أكثر مما نعرفه نحن. تبين سيرة السيد حافظ أنه رجل متعدد الإمكانيات والمواهب والخبرات، أخذه بحر الحياة الهائج إلى شواطئ عدة، فرسا على كل منها، يلتقط أنفاسه، كي يواصل الإبحار من جديد، مرة إلى العمل بالصحافة، وثانية إلى العمل بالبحث العلمي، ومرة إلى التأليف المسرحي، للكبار وللأطفال، وأخرى لكتابة الدراما الإذاعة والتلفزيونية، وخامسة لتقلد مناصب إدارية في بعض المؤسسات الثقافية في مصر والكويت، وسادسة في الإخراج المسرحي. وفي هذه المسيرة الطويلة ألف السيد حافظ ثلاثة وثلاثين مسرحية للكبار، وست عشرة للأطفال، وأخرج الكثر من المسرحيات، أهمها ",مسافر ليل", لصلاح عبد الصبور، و",الحبل", ليوجين أونيل، و",الزوبعة", لمحمود دياب، وحديقة الحيوان", لإدوارد أولبي", و",الخروج من ساحل المتوسط", وهي قصيدة لمحمود درويش و",آه يا وطن", وهي قصائد لفؤاد حداد، وعبد الرحمن الأبنودي، وسيد حجاب ، ومجدى نجيب . ثم أخرج من تأليفه هو مسرحية ",كوكو ولولو", و",أولاد جحا",، وكتب ثلاثة عشر مسلسلا وسهرة تلفزيونية أنتجها التلفزيون المصري والكويتي، وتسعة مسلسلات إذاعية أنتجتها إذاعات في مصر والكويت والإمارات والبحرين وقطر، فضلا عن ست عشرة رواية، وقد نشرت له جامعة أريزونا بالولايات المتحدة خمس مسرحيات باللغة الإنجليزية، وثلاث باللغة العربية بموقعها علي الإنترنت، كما نشرت له سبعة أعمال مسرحية بالإنجليزية في بريطانيا، وأعدت نحو اثنين وخمسين أطروحة علمية، ما بين بحث تخرج وماجستير ودكتوراه، في جامعات عدة، أغلبها في بلدان المغرب العربي، عن أعماله المسرحية، فضلا عن العشرات من الدراسات والمقالات النقدية، ونال عدد من الجوائز من مصر وخارجها، لكنها لا تناسب، حتى الآن، هذا العطاء الغزير المتنوع. ولم يكتف السيد حافظ بالتأليف والإخراج المسرحي، ولا بتقلد مواقع إدارية، إنما جمع بين الكتابة والحركة، وهي أمر لم يتأت لأغلبية الأدباء، حيث أسس جماعات تجريبية للمسرح، مثل: ",فرقة الصعاليك", و",فرقة ألف باء مسرح", و",جماعة المسرح الطليعي",، وجاب العديد من أقاليم مصر عارضا مسرحياته، مؤلفا ومخرجا. هكذا عرف محدثي من هو الرجل بعد أن طالع سيرته، وسألني: ـ كيف لا نعرف رجلا كتب وفعل كل هذا؟ ابتسمت، وأجبته: ـ هذا ثمن الغربة. فالسيد حافظ غادر مصر في منتصف السبعينيات للعمل بالكويت، ومكث هناك زمنا طويلا، ثم انتقل للعمل بدولة الإمارات العربية المتحدة. في غربته الأولى لم تكن وسائل التواصل كما نعهدها الآن، فانعزل بعيدا، عن أعين وآذان لم تر وتسمع ما يؤلفه، وإن رأته، فلا تتعامل معه بالجدية التي تتعامل بها مع من له حضور جسدي في وسط المثقفين، وهي آفة، لم يفلت منها إلا قلة، لم يستطع أحد أن يغلب، بالتجاهل والغفلة، جمال نصوصهم وعمقها، وقدرتها الذاتية الفائقة على التأثير، بعد أن حفرت مجرى لها، لا ينقطع تدفقه. وجاءت الغربة الثانية لرجل أخلص طويلا للكتابة المسرحية، لتكون بنت وقت يمر فيه المسرح بأزمة طاحنة، كتابة وتمثيلا، فلا دور النشر تقبل على طباعة المسرحيات، لأن قراءها تناقصوا إلى أدنى حد، ولا خشبة المسرح تنتظر النصوص الجادة الجيدة. بين هاتتين الغربتين يمضي السيد حافظ، بعزم لا يلين، وصبر لا ينفد، مخلصا لإبداعه، ومؤملا على أن الذين لم يبذلوا جهدا في سبيل الوصول إلى نصوصه في زمن مضى، بوسعهم الآن أن يردموا الهوة، ويسدوا الفُرج، ويعطوا الرجل حقه المهضوم في بلدنا.