وصف الكتاب
عندما نكون بصدد محاولة لوضع نظرية حول تاريخ الفن، ينبغي ان لا نغفل مسألة ",القيم", إذ أن نظرية ",القيمة", في علم الجمال Axiology تدرس المبادىء العامة للنقد، الذي يستخدم أساساً في مناهج البحث في قضايا تاريخ الفن في العصر الحديث.
الحقيقة أن أى مناقشات حول الفن، تتطلب شيئاً من إدراك مكانة الفن في الثقافات المختلفة، في الماضي والحاضر، أما الفن في الماضي فكان يخضع لتحكم مصطنع، ولنماذج تقليدية، ومع ذلك نجده قد تمتع بطبيعة وقيمة واضحتين، وتقبلان للتحليل لعناصر أولية، علي عكس أنواع اخري حديثة لا تتمتع بمثل هذا الوضوح، إذ عندما يفعل الفان ما يروق له، وتظهر الاعمال والاساليب الفنية بأعداد هائلة، وتملأ قاعات العرض، دون وعي بالقيم، أو بضرورة الإختيارات التفضيلية الإرادية، يمكن ان نتوقع حينئذ، زوال تأثير الكم الكبير من هذه المنتجات بسرعة، شأن ما يعرض علي شاشات التليفزيون وما ينشر في المجلات المصورة.
ان مسألة الإختيار والمفاضلة بين الأنواع المتنافسة من القيم ضرورية، وحينما يفاضل الفنان والجمهور عن وعي وإرادة فسوف نتوقع نشوب النزاع علي الإختيارات لفترة من الزمن، وقد تصل إلي حد الإحتدام، وسوف نتوقع بعض الإتجاهات التي ترفع شعار ", الحفاظ علي خصوصية النمط القومي", كمثل أعلي، أو علي العكس فنصادف فئة أخري تري في الإختلاط بين القوميات عاملاً أساسياً في عملية الإزدهار، الثقافي، والإزدهار الفني، وهؤلاء يستشهدون بما حدث في الماضي، عندما كان الفنانون يهاجرون، حيث المناطق التي يعتقدون أنها تتميز بانتعاشها الإقتصادي والثقافي، وقد أنطلقوا في القرون الوسطي من روما إلي بيزنطة، ومنها إلي البندقية وأسبانيا، ثم هاجروا في العصر الحديث غلي باريس وإنجلترا، وكان إجتذاب هذه المدن للعديد من خيرة فناني العالم سبباً لإزدهارها فنياً وثقافياً، وقد أدي التقارب بين الشعوب إلي تبادل الأفكار بين الجنسيات المختلفة بسرعة.