وصف الكتاب
يمكن القول أن الفن هو، في جوهره، انعكاس أو تمثلات سايكولوجية للحالات والظواهر التي تجري في سياق وجودها الاجتماعي والطبيعي، وأنه الوسيلة التي يهدف الإنسان من خلالها، بوعي أو بدونه، إلى تحقيق توازنه النفسي، وذلك بالتعبير عما بداخله من مشاعر ومكبوتات ومدركات وتمثلات. ويلعب التاريخ السلوكي للفرد دوراً رئيساً في موضوع التعبير وأسلوبه.
واستنتاج كهذا يحتم علينا أن نسلم بضرورة أن يكون لعلم النفس دور جوهري في فهم هذه الحالة الرفيعة من الوعي الإنساني. غير أننا لا نجد في اللغة العربية، إلا القليل من المساهمات الجادة في هذا المجال من قبل المتخصصين في علم النفس، ولا نجد منهجاً سايكولوجياً واضحاً لدى المتحصصين بالنقد الفني. ولا تحليلات سايكولوجية رصينة علمياً وماتعة فكرياً في العديد من كتابات النقد الفني على اختلاف مناهجها النقدية.
و",في سايكولوجية الفن التشكيلي", مساهمة في هذا المجال يتوخى منها إثارة اهتمام المتخصصين في علم النفس والنقاد والفنانين والمثقفين بشكل عام، باتجاه إشاعة الثقافة النفسية في هذا الميدان الرحب من المعرفة الإنسانية.. الفن، الذي كان ضرورة منذ النشأة الأولى للإنسان، وتطورت هذه الضرورة إلى درجة أصبح فيها الفرد والحضارة اللذان لا يرقيان إلى الفن مهددين جدياً باختناق فكري واضطراب نفسي عقلي.
على أن ",في سايكولوجية الفن التشكيلي", يهدف أساساً إلى فهم الطبيعة الإنسانية للفنان المبدع. والطبيعة العلمية للعملية الإبداعية في مجال الفن، أو بتعبير أكثر موضوعية. إلقاء شيء من الضوء على هاتين الطبيعتين يجعلنا ندرك أكثر أهمية الفن في حضارة الأمة، وحضارة الإنسانية، وينبهنا إلى دورنا، كدولة، ومجتمع، ونظام تربوي وأسرة، في اكتشاف وتنشئة وتطوير المبدعين في مجال الفن.
يقع الكتاب في سبعة فصول، تطرق الفصل الأول منها إلى أهم الآراء النظرية القديمة والحديثة التي تناولت الفن والفنانين، وأهم النتائج التي توصلت إليها الدراسات النفسية على اختلاف مناشئها ومنطلقاتها النظرية وتفسيراتها المتباينة للكثير من الأمور والمفاهيم المتعلقة بالإبداع الفني من قبيل: المرض النفسي، القلق، الاغتراب، قبول الذات، التنشئة الأسرية والنمذجة، والنظام التربوي.
وتناول الفصلين الثاني والثالث سيرة وإنجازات بيكاسو، وتضمن تحليلاً نقدياً سايكولوجياً لأعماله، بهدف تحديد عدد من المؤشرات النفسية والاجتماعية لإبداعه. وعمل الشيء نفسه مع غويا وجواد سليم في الفصول: الرابع والخامس والسادس.
وانتهت الرحلة عند الفصل السابع باستنتاجات عامة تضمنت عدداً من المؤشرات النفسية والاجتماعية التي كانت وراء إبداع ثلاثة من أبرز الفنانين التشكيليين وربما تلقي هذه النتائج الضوء على فهم شخصيات وأعمال فنانين مبدعين آخرين.