وصف الكتاب
هذا كتاب أراده مؤلفه سجلاً يحكي قصته مع الأدب والفكر والثقافة كان أعده في صيف 1986 محتوياً في أغلبه على افتتاحيات مجلة الفكر التونسية تحت عنوان ",في رحال الثقافة",. ولم يتسن له نشره في ذلك الوقت. وبقي في إدراج مكتبه لم يلتفت إليه إذا شغل عنه بكتابات أخرى رأى من الأنسب الاهتمام بها. ولكنه لما رجع إلهي في هذه الأيام وجده يحمل نصيباً كبيراً من الجدة، لسبب واحد هو أن محتواه عالج قضايا الثقافة في تونس وفي سائر الوطن العربي. وبما أن هموم الثقافة باقية، بل زادت تعقيداً في عالم العولمة الجديد، فإن نشره يعد في نظره مساهمة في استكشاف قضايا الثقافة الشائكة. وأصبح عنوان الكتاب الجديد ",ومضات من جمر الثقافة أو متلق له في الوقت الحاضر.
على أنه في الواقع قد سعى لتشذيبه من الكتابات التي لا تفيد القارئ كثيراً في هذا السياق، وإن بقي لها نكهتها في مقامات أخرى، واقتصر على التحاليل التي تتعلق بتفاصيل المشروع الثقافي التونسي في الثمانينيات وبخطة الثقافة العربية الشاملة، وأردف كل ذلك بنصوص جديدة تناولت بالدرس والتحليل التطورات التي حدثت منذ ذلك التاريخ في هذا الميدان.
لكن هذه المحاور أصبحت لا تشكل جزءاً كبيراً مما كان عليه الكتاب بعد الغربلة والتشذيب. ذلك أن تجربته غنيت منذ ذلك التاريخ بكتابات قد يجد فهيا القارئ بعض الفائدة. هي تتعلق، أساساً، بفكرة برلمان المثقفين ودوره في خدمة الثقافة وطنياً وقومياً وعالمياً لو تحقق المشروع بشكل من الأشكال. فرأى أن هذه الفكرة هي في الواقع منبثقة من المشروع الثقافي عامة ولا تخرج عن تصوره لهذا الموضوع. لذا وجدت هذه الكتابات مكانها الطبيعي بين أخواتها. فجعل هذا المحور يتصدر الكتاب وأوليته ما يستحقه من الأهمية في رأيه.
ولكن حدثان بارزان، أحدهما انطلق في سبتمبر 2000 والثاني طلع على الناس في سبتمبر 2001، هزّأ العالم العربي والإسلامي والعالم جميعاً. الأول تمثل في اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والثاني كان زلزال 11 سبتمبر. وكلاهما دفعاه في الأثناء إلى الكتابة فيهما من الوجهة الثقافية واعتبارهما منعرجاً خطيراً يضع الحضارة العربية والإسلامية في مأزق قل أن عرفته في عصرنا الحديث. ولم تكن هذه الكتابات إذن إلا بمثابة الجسر الممدود الرابط بين المحاور الأخرى. فكان من طبيعة الأشياء أ، تجد مكانها بين دفتي هذا الكتاب.
أما المحور الأخير في الكتاب فهو تسجيل للقاءات خمسة مع نخبة من الصحفيين نشرت في فترات متباعدة بأهم الجرائد والمجلات العربية اعتبرها مكملة وبمثابة الإضاءات التي تزيد بياناً لما جاء في هذا الكتاب من دراسات وتحليل ومواقف.