كل الموضوعات التي تتعلق بالإنسان ومشاعر الإنسان ليست دقيقة ولا واضحة تماماً. فلا توجد حقيقة إنسانية سهلة وبسيطة مثل 2+2=4.. وإنما نحن نعبر عن كل المعاني الإنسانية بالتقريب.. لأنه من الصعب أن نلقي القبض على المعاني وأن نسجنها في الكلمات..وإذا فعلنا فكثيراً ما هربت.. فنعود إليها نتحايل عليها وندور حولها لعلنا نرى جديداً وهكذا إلى الأبد!
والفيلسوف الألماني العظيم هيدجر يقول: ركعت وسجدت عند قدمي معشوقتي.. ورفعت رأسي انتظر أن تجرد علي بكلمة وانتظرت طويلاً ولكن معشوقتي لم تقل إلا قليلاً! أما هذه المعشوقة فهي: الحقيقة! القليل همست به، والباقي يجب أن تجتهد نحن في معرفته!
الحب مثلاً: يملأ نصف كتب الأدب في كل العصور.. مئات ألوف من الأبيات في كل اللغات. فما هو؟ كيف هو؟ لماذا هو؟ أية فائدة هو؟ وتاريخ الفكر الإنساني، هو تاريخ المحاولة والخطأ واللف والدوران والنفاذ إلى أعماق المعاني.. ثم معاودة كل ذلك من جديد.. كأن أحداُ لم يحاول من قبل! وغير ذلك من ألوف المعاني والنوادر والقصص في التاريخ والأدب والفلسفة.. ولكن الكاتب يحاول ويحاول.. ويكفيه شرفاً أن يفعل ذلك.. وهناك نوعان من الأدباء أو الشعراء أو المفكرين: واحد يمشي أمامك ويتكلم.. وواحد يمشي وراءك ويتكلم.. ولا أعرف أين سأكون. وإنما سأحاول أن أكون أٌقرب إلى أذنيك إلى عينيك إلى عقلك.. وأن اقطع هذه المسافة التي بيننا في أسرع وقت وبأقل جهد.. ولن أمل أبداً أن أكون واضحاًّ!