وصف الكتاب
هذا الكتاب هو جولة سريعة في عالم البوذية الفلسفي وفي عالم البوذيين داخل شبه الجزيرة الهندية والصين واليابان. وهو يتناول سيرة بوذا ورحلته في التأمل مع تلامذته في الأديرة والصوامع وبين المريدين من الجماعات الدينية الملتزمة بمنهجه في الحياة، كما يتناول تأثيره على قومه ودور تعاليمه في بنية الحياة الاجتماعية في بلاد الشرق وفي سائر البلدان التي أتيح لها التعرف إلى أفكاره.
شهد الألف الأول قبل ميلاد المسيح نقلة فكرية على الصعيد الديني، تمثلت في تلمس التوحيد والإيمان بوجود حياة بعد الموت، وكان لهذه النقلة تجسيداتها المختلفة في الفكر اليوناني وفي معتقدات الفراعنة وفي ديانات الشرق، وجرى تتويج ذلك في الديانات السماوية التوحيدية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام.
في هذه المرحلة من تطور البشرية نهضت حضارات تكاد تكون متشابهة في طرق المعاش والتفكير وفي أنماط العمل وأدواته وفي مستوى السيطرة على الطبيعة ومدى استثمارها ومدى استثمار الإنسان للإنسان، وتأسست في رحمها بنى اجتماعية وعلاقات وقيم تكاد تكون واحدة، وانتظمت المجتمعات في أطر تقوم حياتها أساساً على الزراعة وتدجين الأرض والطبيعة. وكان من الطبيعي أن تتحول الأرض، وهي مصدر الحياة، إلى مادة للصراع يتنازع النفوذ عليها أصحاب النفوذ والسلطة، وكان من الطبيعي أيضاً أن يكون لهذا الصراع منظومته الإيديولوجية وأن تبلغ هذه المنظومة كمالها مع بلوغ الملكيات العقارية مستوى عالياً من النضوج والاكتمال، أي مع المرحلة التي يصح أن نسميها مرحلة الحضارة الإقطاعية.
سبقت الحضارة الإقطاعية سلالة أخرى من الحضارات استندت هي الأخرى لا إلى زراعة الأرض بل إلى ",رعيها",، واستسلمت إلى قوى الطبيعة وما وراءها، وشيدت منظومتها الفكرية على الأسطورة والخوارق. وتلتها بعد حوالي ألف وخمسمائة عام أو أكثر على ميلاد المسيح حضارة دجنت الطبيعة وطوعتها بقوة العقل البشري، على ضوء مصالح المجتمعات والدول والأفراد، وبلغت قدرتها على تدميرها حد القلق على مصيرها وعلى مصير البشرية، إنها الحضارة الرأسمالية.