وصف الكتاب
يشيع اليوم في الغرب ، استخدام مصطلح ", الشرق الأوسط ", للدلالة على إقليم جغرافي يتوسط دائرة تضم قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا . ويستدعي هذا المصطلح في الذهن مصطلحي ", الشرق الأدنى ", و ", الشرق الأقصى ", ، ويوحي بأن الإقليم الذي يدل عليه هو إقليم وسط بين الإقليمين اللذين يدل عليهما المصطلحات الآخران . ولكن واقع الأمر ، فإن هذا الإقليم الأوسط لم يكن خاضعاً لهذا المنطق الشكلي المبسّط ؛ بل لضرورات الصراع التي رافقتها عمليات عسكرية في حروب متعددة . لذلك ظهرت التسميات من دون أن توضع لها حدود ثابتة على الخرائط ، وكان الصراع الذي استخدمت فيه هذه المصطلحات مرتبطاً بالنشاط الإستعماري منذ القرن الماضي الذي تنافست فيه بريطانيا وفرنسا في المقام الأول ، ودول أوروبية أخرى ، وحين انكفأ الإستعمار الأوروبي التقليدي ؛ ورثت دولتا الهيمنة الحديثة ، في أعقاب الحرب الثانية ، الولايات المتحدة الأميركية ، والإتحاد السوفييتي هذه التسميات ، مع تبدّل في المفاهيم الجغرافية السياسية ، وشاع استخدام مصطلح الشرق الأوسط ، بينما تراجع استخدام المصطلحين الأخرين . ويبدو من تطور مدلول هذا المصطلح الذي استخدم أول مرة عام 1902 ، أنه تأسيس على الشأنين : النفطي والفلسطيني . وقد اعتمدت الولايات المتحدة الأميركية ، حين انتقلت إليها زعامة الإستعمار الغربي بعد الحرب الثانية ، هذا المصطلح ، وأصبح يشيد جغرافياً إلى جنوب الإتحاد السوفييتي . واتصل استخدامه بسياسة أميركا النفطية في المنطقة العربية ، وتبنيها للإستعمار الإستيطاني الصهيوني الذي أنشأته بريطانيا في فلسطين وللدولة التي جسدته عام 1948 باسم ", إسرائيل ", ثم بسياستها المائية في المنطقة المعنية بتوفير الماء لهذا الكيان الغريب ، وقبل الإتحاد السوفييتي استخدام المصطلح يومذاك . يتضح مما سبق أن مفهوم مصطلح ", الشرق الأوسط ", يجمع بين الجغرافيا والسياسة ، وأن دلالته الجغرافية لم تكن مستقرة بحيث تتذبذب بين الإتساع والضيق ، وأنها اتجهت مع تطور المفهوم نحو الغرب ، وأن دلالته السياسية وثيقة الصلة بالسياسة الإستعمارية الغربية التي أنشأته واعتمدته ، كما يتضح أنه في الوقت الذي أخذ فيه هذا المصطلح حقيقة وجود ", دائرة حضارية عربية إسلامية ", في المنطقة التي يدل عليها ، فإنه استهدف السيطرة على اقطار هذه الدائرة من خلال تقطيع أطرافها ، وتثبيت كيان إستعماري إستيطاني صهيوني في قلبها ، وتحويلها من ثم إلى منطقة كيانات . وإلى هذا ، فقد نجحت دول الهيمنة في الغرب في فرض المصطلح على المنطقة الأممية ، واستخدمت فيها مصطلح ", الصراع في الشرق الأوسط ", للدلالة على الصراع العربي الصهيوني وقضية فلسطين . ومن جهة ثانية ، شهد النصف الثاني من القرن العشرين محاولات أميركية عدة لإقامة نظام شرق أوسطي ، في وقت كانت قد ازدهرت فيه فكرة العروبة وفكرة التضامن الإسلامي ، فكان أن فشلت تلك المحاولات ؛ على أن هذا الفشل لم يحل دون أن تقوم الولايات الولايات المتحدة منذ مطلع الثمانينات في إطار سعيها لإقامة ", نظام عالمي جديد ", بوضع مخطط لنظام للشرق الأوسط ولسوق شرق أوسطية ، وذلك في أعقاب إبرام إتفاقيات كامب دايفيد عام 1987 ليصبح الطريق مفتوحاً أمامها بعد وقوع زلزال أوروبا الشرقية عام 1989 ، ثم زلزال الخليج عام 1991 لتطرح هذا المخطط . و ", النظام الشرق أوسطي ", و ", السوق شرق أوسطية ", مصطلحات بات من الشائع ملاحظة كثرة ورودهما في وسائل الإعلام ، وهي تتحدث عن المنطقة العربية منذ مطلع العام 1993 ، في الوقت الذي كانت تستمر فيه عملية تسوية الصراع العربي الصهيوني في إطار المؤتمر الذي تم افتتاحه في مدريد في تاريخ 30/10/1991 تحت إسم ", مؤتمر سلام الشرق أوسط ", . [... ] . من هذا المنطلق يأتي هذا الكتاب الذي يمثل قراءة واعية موثقة في تاريخ المنطقة العربية ، مسلطاً الضوء على الحالة التي تعيشها هذه المنطقة التي لم تشهد يوماً حالة الاستقرار الطبيعي ؛ بل كانت دوماً في حالة حروب متنقلة من منطقة على أخرى ، موضحاً ، من خلال الوقائع التاريخية الموثقة مدى تاثير الصهيونية العالمية في شرذمة الكيان العربي ، بمساهمة أميركية لأسباب لها أبعادها الإستراتيجية ، ومن خلال دعمهما ( أميركا وإسرائيل ) للثورات تلو الثورات ؛ مادياً وعسكرياً ، بالإضافة على ما تقوم عليه الأفكار الهادفة للتحضير دائماً لما يُعرف بالشرق الأوسط الجديد .. الجديد .. الجديد ، بالإضافة إلى ذلك استطاع الكتاب في مادته الدخول من الباب العريض في آفاق المستقبل بناء على ما هو واقع الآن ، كما في العوامل التي قد تؤثر بشكل أو بآخر في المناخات المتعددة ؛ سياسية كانت أو وطنية أو إقتصادية أو حتى دينية .
إن هذا الكتاب بعنوانه جواهر أدفايتية ما هو إلا إسم على مسمى بحق ، فهو بمثابة صندوق كنز طافحٍ بالعديد من الجواهر الثمينة والتي قُطِّعت وصُقلت بأحسن صورة ومن ثم وُضعت في سبائك من ذهب خالص . ذهب الحقيقة الأدفايتية اللاثنوية ( الأحدية ) ، لتقدم بحب وحنان عظيمين وحكمة ألمعية وظُرف ما بعدها ظرف من قبل سيدة كرّست حياتها بأسرها فداءً لتلك الحقيقة رافضةً بتواضع جم وبكل مفارقة أن تسمي نفسها جورو ؛ إسمها هو رادة ما وهي شخصية معروفة في بلدة تيروفناملاي ، تصادفها دوماً جوار الجبل المقدس أروناتشلا ، حيث اختارت أن يستقر بها المُقام ، تتنزه هناك رافلة بثوبها البرتقالي الوضّاء ..