وصف الكتاب
النظام الشرق أوسطي وفي القلب منه السوق الشرق أوسطية مشروع قديم قدم الحركة الصهيونية ذاتها حيث كثيراً ما داعب أحلام هرتزل ",بني الصهيونية", وتخيل قيام كمنولث شرق أوسطي يكون فيه لإسرائيل شأن قيادي فاعل ودور اقتصادي قائد. وظلت هذه الفكرة في مخيلة زعماء الحركة الصهيونية ما بعد هرتزل إلى جيونتسكي وبن جوريون وجولدامائير. وقد أطلقت فكرة السوق الشرق أوسطية بقوة فوق مسرح الأحداث بعد طرح صيغة مدريد وتوقيع اتفاق أوسلو وتدعيم العلاقات بين بعض الحكومات العربية ودولة الكيان الصهيوني وذلك في ظل قيادة رابين-بيريز.
وقد كان مشروع السوق الشرق أوسطية في ذلك الوقت قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ. حيث كانت الولايات المتحدة ومن ورائها منظمات التمويل الدولي على أهبة الاستعداد لتمويل مشاريع التعاون الإقليمي التي تكون البنى الأساسية لهذه السوق. كما كان هناك تأييد ومساندة العديد من الحكومات العربية التي كانت ترى في السوق الشرق أوسطية خيراً عميماً عليها.
ولكن لم يدم الأمر كثيراً حيث أن معادلة السوق قد اختلت وتغيرات الأوضاع ورجع الجميع حيث كان البدء. وذلك لأسباب عديد منها وجود رجل مثل بنيامين نتنياهو على قمة الحكم في إسرائيل، والمماطلة والتأجيل الدائم في تنفيذ الاتفاقيات المبرمة، واستفذاذ المشاعر العربية بإقامة المستوطنات والاعتداءات المستمرة على حقوق الشعب العربي.
كل هذا وغيره يضع المشروع الشرق أوسطي وفي قلبه السوق الشرق أوسطية على قائمة التأجيل ولكن لم يدم أمر التأجيل كثيراً حيث كانت الانتخابات الإسرائيلية التي أفرزت فوز إيهود بارك والتي رأت أن طريق التسوية مع العرب هو الطريق الوحيد لتحقيق الأمن الحقيقي والازدهار المبكر.
وتأتي الدراسة حول مستقبل السوق الشرق أوسطية في هذا الكتاب من أجل معرفة مدى الخطر الواقع على الأمة العربية من جراء ذلك المخطط التوسعي لإسرائيل، بالإضافة إلى معرفة الفائدة على الاقتصاد الإسرائيلي من أعماله لذلك المخطط. وقد تناول المؤلف عبر رصده للمتغيرات الدولية والإقليمية وتأثيراتها على التكتلات الإقليمية، خاصة، التكتل الشرق أوسطي، وهو وراء البحث في هذه الدراسة. ومن ثم تناول السوق الشرق أوسطية ومستقبلها وعلاقة ذلك بالاقتصاد الإسرائيلي.