وصف الكتاب
يقدم هذا الكتاب صور علمية متكاملة، بأسلوب قريب لكل قارئ، عن مشكلات المجتمع الصناعي المعاصر. وهي في جوهرها بعض الأسباب التي وجهت إلى تبني فلسفة الطريق الثالث، علاجاً لتلك المشكلات وسعياً نحو خلق مجتمع أفضل. والطريق الثالث محاولة للبحث عن طريق جديد للتنمية الاجتماعية ذات آفاق عالمية، تأخذ في اعتبارها-كما يقول المؤلف-موت الاشتراكية وانحدار النظام السوفيتي وهي تجربة لم تعرفها بريطانية ولم تعان منها بالمعنى المباشر كذلك ينطلق المؤلف من وإفلاس النزعة المحافظة الكلاسيكية والحديثة أيضاً ونهاية المرحلة التاتشرية والريجانية.
وتطرح الكتابات النقدية التي تناولت هذا الكتاب وتناولت المحاولات الأخرى لبلورة رؤية الطريق الثالث اتهاماً يأخذ شكل التساؤل هل الطريق الثالث محاولة فكرية براجماتية تستهدف تفسير الموقف الراهن والتنظير لواقع ماثل لم تتبلور ملامحه بعد ولم يؤسس لحدوثه أحد فالأحداث قادت بعض مجتمعات العالم إلى هذا السبيل دون سابق قصد تدبير ثم جاء البعض يحاولون تفسير ما لا يقبل التفسير هل هو محاولة براجماتية أم هو بناء فكري متكامل يمكن أن يكون جديراً باسم النظرية أو الفلسفة وسوف يصل القارئ معي كما وصل إلى ذلك نقاد كثيرون إلى أن الطريق الثالث رؤية متكاملة يمكن أن تصنع بناء نظرياً متماسكاً إن فلسفة الطريق الثالث تسعى إلى تحقيق التواؤم بين بعض القيم التقدمية العريقة التي لازمت الإنسان وأرقته زمناً طويلاً من ناحية والتحديات الجديدة لعصر المعلومات وتراكم القوة والثروة واللامساوة ...الخ من جهة أخرى.
وتستند هذا الفلسفة إلى ثلاث دعائم أساسية هي: 1-التزام الحكومات بأن تكفل تكافؤ الفرص أمام جميع مواطنيها وترسخه ولا تسمح لأحد بأي امتيازات خاصة من أي نوع. 2-مبدأ أخلاقي يقوم على المسئولية المتبادلة التي ترفض به سياسات النبذ (الذي أسماه جيدنز في هذا الكتاب الاستبعاد) الاجتماعي. 3-توجه جديد لعملية الحكم يقوم على تمكين المواطنين ليتصرفوا بأنفسهم بما يحقق مصالحهم.
ورغم تعدد الاجتهادات التي حاولت بلورة فلسفة الطريق الثالث إلا أنها تلتقي على حقيقة مهمة أن الطريق الثالث لا يبدأ من الصفر باعتباره خلقاً جديداً وليست له أي مقدمات أو إرهاصات ولكن المهم في كتاب جيدنز هذا أنه ينظر إلى الطريق الثالث بوصفه تجديداً للديموقراطية الاجتماعية وليس اختراعاً جديداً.
ونأمل أن يزودنا هذا الكتاب برؤية جديدة في الكتابة الاجتماعية مفادها ألا توقف أبداً عن مراجعة مسيرتنا الفكرية والثقافية، وتطبيقاتها في العوالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وأن تكون لدينا شجاعة مواجهة الأخطاء، كما أن وجود الأخطاء لا يحرم أصحاب الإنجازات من فضل الإيجابيات التي تحققت. وأن هذه الشجاعة لا تقتصر على كشف الأخطاء، وإنما يتجاوزها إلى اقتراح خطوط فكرية جديدة، واقتراح سياسات مبتكرة تتجاوز الماضي، وتسبق حركة المجتمع.
وهذه هي التجربة الثرية التي تطالعنا على صفحات هذا الكتاب. ومن ابرز العناوين التي تحدث عنها هذا الكتاب: الاشتراكية وما بعدها, الديموقراطية الاجتماعية الكلاسيكية, وجهة نظر الليبرالية الجديدة, مقارنة المذهبين, الحوارات الراهنة, بنية التأييد السياسي, خمس معضلات, العولمة, النزعة الفردية, اليسار واليمين, الفعل السياسي, قضايا البيئة, سياسة الطريق الثالث, الدولة والمجتمع المدني, الجريمة والمجتمع المحلي, الأسرة الديمقراطية, دولة الاستثمار الاجتماعي, معنى المساواة, الاستيعاب والاستبعاد, استراتيجيات الاستثمار الاجتماعي, الدولة الكوزموبوليتانية, الديموقراطية الكوزموبوليتانية, الاتحاد الأوروبي, الأصولية السوقية عل الصعيد العالمي. أقرأ أقل