وصف الكتاب
المرأة الجديدة : هى ثمرة من ثمرات التمدن الحديث ، بدأ ظهورها في الغرب على أثر الاكتشافات العلمية التى خلصت العقل الانساني من سلطة الأوهام والظنون والخرافات وسلمته قيادة نفسه، ورسمت له الطريق التى يجب أن يسلكها. ذلك حيث أخذ العلم يبحث في كل شئ، وينتقد كل رأى ولا يسلم الا إذا قام الدليل على ما فيه من المنفعة للعامة وانتهى به السعي إلى أن أبطل سلطة رجال الكنيسة. وألغى امتيازات الأشراف ووضع دستورا للملوك والحكام، واعتق الجنس الأسود من الرق ، ثم أكمل عمله بأن نسخ معظم ما كان الرجال يرونه من مزاياهم التى يفضلون بها النساء ولا يسمحون لهن بأن يساوينهم في كل شئ . والمطلع على الشريعة الإسلامية يعلم أن تحرير المرأة هو من أنفس الأصول التى يحق لها أن تفخر به على سواها ، لأنها منحت المرأة من أثنى عشر قرنا مضت الحقوق التى لم تنلها المرأة الغربية إلا في هذا القرن وبعض القرن الذي سبق حتى انها لا تزال محرومة من بعض الحقوق وهى الآن مشتغله بالمطالبة بها. فإذا كانت شريعتنا قررت للمرأة كفاءة ذاتية في تدبير ثروتها والتصرف فيها وحثت على تعليمها وتهذيبها ولم تحجر عليها الاحتراف بأي صنعة والاشتغال بأي عمل وبالغت في المساواة بينها وبين الرجل ، فهل يجدر بنا في هذا العصر أن نغفل مقاصد شرعنا ونهمل الوسائل التى تؤهل المرأة إلى استعمال هذه الحقوق النفسية ونضيع وقتنا في مناقشات نظرية لا تنتج الا تعويقنا عن التقدم في طريق اصلاح أحوالنا ؟
آمن قاسم أمين بأن السبيل الوحيد للنهوض بالمجتمع ولإصلاحه هو تحرير المرأة وبأن السبيل الوحيد لتحرير المرأة هو تربيتها تربية سليمة ولذا جعل هذه القضية هي رسالته في الحياة.
كان قاسم أمين يريد أن يخلق بالتربية السليمة ",المرأة الجديدة",. تلك المرأة التي تكون لنفسها في المقام الأول ولا تكون متاعاً للرجل، وهي قادرة على تحمل المسؤولية وقادرة على الاستقلال بحيث تجد ",أسباب سعادتها وشقائها في نفسها لا في غيرها..
المرأة بطبيعتها مساوية للرجل في العقل، هذا ما أثبته العلم الحديث. ويعرض قاسم أمين في استفاضة لأراء العلماء المحدثين في هذا الشأن والعلم الحديث يقر بأن ثمة اختلافات تشريحية وفسيولوجية بين الرجل والمرأة. إلا أن هذه الاختلافات لا تعني البتة أن الرجل أفضل وأرقى من المرأة إنما هي اختلافات أوجدها الله نظراً لاختلاف دور كل من الرجل والمرأة في الحياة.